عفواً بيكاسو !
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
حمامةَ السلامْ
يا كذبة تمردت على خطوط الوهم والحقيقة
يا صورة ما جاوزت إطارها لريشةٍ أنيقة
لمن تهمهمين يا قديمة الشتاتْ
فالفن في زماننا ما عاد محسوباً على اللغاتْ
ضمي جناحيك اللذين يهذران فوقنا من ألف ألف عامْ
ولملمي الريش الذي نثرتِهِ وغادري الزحامْ
سماؤنا تعودت نيراننا الصديقةْ
ولم تعد ترتاح للحمائم الطليقةْ
أقلعتِ حين كانت الطيور في السماء لا تخافْ
ولم تكن أحلامنا قد أنهت المطافْ
وحين كان تحتنا فرش وكان فوقنا لحافْ
تغير الزمان يا بيضاء فلتهادني الظلامْ
ولتوقفي الإبحار في فضائنا المغموس في السخامْ
أو اقتحام حربنا بحجة السلام ْ
حذار أن تخترقي نظامنا
فلونك الجريء ألف شبهة والغصن في منقارك اعتراف
هل كان بيكاسو على علم بما اعتراك في سمائنا الرؤومْ
ولم تزل باريس في عطورها تعوم ْ
وأنت تحملين غصنك الصغير في حدائق الرصاصْ
لأنك ارتميت في سديمنا
حيث الدخان يكنس الغيوم و الحمام ْ
ويحرس الظلامْ
ويعلن الحظر على تجول البياضْ
ويرسم الدوائر السوداء في مساره
وينثر الرمادْ
يجتث أي نبضة مشبوهة تنمو على التخومْ
لو كان بيكاسو حكيماً يبصر البعيدْ
لجسّد المنقار من صخر وصب الغصن من حديدْ
و فخخ العينين ثم عبأ الجناح بالذخيرةْ
فتحت كل مخلب قذيفة وخلف كل ريشة قنبلة صغيرةْ
من قال للرسام أن القدر المحتوم للسلام أن يندس في حمامة مهاجرةْ
معلقاً في خربشات الحالمين في القصائد المحاصرةْ
مطوقاً بالوهم مرهونا لدى الضمائر المتاجرةْ
يا أيها الرسام ما أدركتَ عصر الرسم بالقنابلِ
عصر اعتناق الفن للإرهاب في لوحاته المكررةْ
فلوحة لمنبر ولوحة لمجزرةْ
ومعرض مصور لأنفسٍ مكسرةْ
حمامنا ما عاد يدري وجهة الرسائلِ
وقد ذوى الزيتون تحت لمعة الفتائلِ
فحيثما ألقى انتهى إلى الدمار الزاجلِ !
يا أيها الرسام جدد صيتك الماضي على معزوفة الحطام ْ
جِدْ لوحة للحرب أو صف روعة الركام ْ
أحرقْ بقايا الغصن
واستلهم خطوط الرسم من تناغم اللهيبِ
خذ شهقة من أمة مكلومة أو زفرة من موطن سليبِ
وجَسِّد المأساة في سعارها الرهيبِ
أو فاسترح .. ثم احمل الفرشاة والألوان والحمام
ووارِها في بقعة بعيدة هناك ... حيث يرقد السلام