الثلاثاء، 21 مايو 2013

سامر


 ومضت زهرة فجر ما صافحت كف الصباح بعد ، ابتلعها طريق سفرها اليومي كما ابتلع صاحباتها قبلها ثم قال لسامر الصغير الذي تركته خلفها :

سامر
ـــــــــــ
لك الرحمن يا سامر
صغير أنت لا تدري عن الأسفار عن ربانها الغادر
صغير أنت لا تدري عن الطرقات إذ تخفي خناجرها وراء الليل مشرعة
لتهتك ثوبه الساتر
تبدد صمته بدوي طوفان الدم الهادر

ألم تسمع بدرب الموت يا سامر ؟
ألم تسمعه لما قال منتشياً :
صباح الذعر يا ترنيمة الأرواح
أنا الدرب الذي يكتظ بالأشباح
أنا الموت الذي تطغى روائحه على نشر الصبا الفواح
أريد فطوري المعتاد قبل طلائع الإصباح
أريد خواني العامر

عرفتَ علاقتي باليتم يا سامر 
عرفت علاقتي بالرزق والسفر
فهمت مخاوف الغادين في أفواههم تعويذة الخطر  
ولحن وداعهم والصبح يحملهم إليّ على أكف الخوف والحذر  
فكيف لو استمعت إلى ضجيج الرعب يدوي حين أبلعهم
وعذري أنني قدر يسوق مراكب الأحباب للقدر
وأن الموت يسكنني وأني وجهه الآخر

سيحفظ عقلك المذهول طول العمر صيحاتي
ستكبر رغم كل البؤس في عتم المعاناة
ستسمع كل يوم عن حكاياتي
أنا الدرب الذي ساق الأماني للنهايات
أنا سِفْر من الأحزان تقرؤه عيون اليتم والثكل
أنا الخوف الذي لف المنى بملاءة الأجل
 أنا بؤس سيعطي إذنه للشعر كي يبكي على الطلل
أنا حظ  الغد العاثر

تعال إلي يا سامر
تعال وخذ بقايا عقد أمك من براثن رملي الساخر
وفتش بين آكامي  هناك كتيب الأذكار      
فخذه وخذ بقايا باقة الأزهار
وخذ مفتاح بيتكم الذي لن تفتحوه بعد هذا اليوم للتذكار  
وأغلق ذلك النقال أزعجني نداء ملحة وجلى 
تعال اجمع لها أشياءها الثكلى
وصورني لها وانقل تفاصيلي
وبلغها تراتيلي على جثمانها الطاهر   
ودع لي بقعة كالمسك من دمها تخالطها بقايا عطرها الفاخر 

تعال اقرأ رسالتها ورددْ آخر الكلمات
فقد همست قبيل الموت لي همسات
وألقت في أثيري صرخة هزت قواي لكل عابرةٍ
يطير بها قطار العمر يوميا
وسائرةٍ إلى المجهول تطوي في إهابي حلمها طيا
مسافرةٍ تودع كل يوم قلبها وتروح كي تغدو
مقالاً في كتاب الكون منسيا
بأن عودي ويكفي ما سقينا الموت من دمع وآمال
ويكفي ما تركنا خلفنا للأهل من حزن وأحمال
ويكفي ما تناثر فوق درب الموت من أحلام أطفال
كفانا ما تركنا في خباء البؤس من ثكلى
وما في دفتر الأيتام من سامر 

السبت، 11 مايو 2013

معذرة يا شام

معذرة يا شام
قد طال عمر الموت ياشامُ ونَمَتْ على الآلام آلامُ
وحياتنا لو تذكرين هوىً وهمومنا رقصٌ وأنغامُ 
لا تستغيثي نحن في دعة وجراحك الهوجاء ألغام
أشغلتِنا حينا فمعذرة إن الذين رجوتِهم ناموا

الثلاثاء، 7 مايو 2013

يا بحر

ـــــــــــــــــ
وطرقت ليل هواك ذات إياب فلقد نسيتُ بمقلتيك كتابي
ونسيتُ عندك بعض أسراري فهل أفشيتها للموج بعد غيابي
ونسيتُ وجهي في غروبك عندما كسّرتَ والشفقُ الأسيفُ حرابي
فرأيتَ فيّ ملامحاً خبأتُها وقرأتَ سِفْري من وراء حجابي
وقرأتَ حزني من نقوش أناملي وسمعت نبضي من رفيف ثيابي
وحملتني يا بحر خارج كوكبي فعلقتُ بين حقيقتي وسرابي
ومضيتُ عنك بلا وداع والرؤى سكرى وسوط الأمس في أعقابي
ونسيتُ أغنية تَردَدَ لحنُها بيني وبين الموج والأحباب
ولقد أتيتُ الآن إذ ناديتَني وسألتَني ثم انتظرتَ جوابي
وفتحتَ قلبك لي وفيه مواجع من لهفة أو جفوة وغياب
وجعلتَ تُسمعني المحار مردداً همساتنا في قلبك الصخاب
فعجبتُ كيف تجيد أشعار الهوى وعلى ضفافك هدأة المحراب
وتحلقُ الآمال حولك والأسى يرسو بوجهك فوق كل عباب
فسكبتَ بين يديّ أسرار المدى وتركتني يا بحر لاستغرابي
ذكّرتَني الآمال ماجت بيننا وكشفت لي عن وجهها الكذاب
وحملتَني في موكب الذكرى الذي يا طالما علقتْ به أهدابي
وأخذتني في موجة محمومة فرست بشطآن الحنين ركابي
كم كنت أشبهك انشراحاً للمنى من قبل أن يقف الغروب ببابي
والآن جئتُ وفي خطاي تثاقل فلقد أضعت مع السنين رغابي
قد كنت حائرة تقاتل شقوتي أملي ويقطع هدأتي إرهابي
أما وقد حيا الخريف فإنني ما عاد يرهق مقلتيّ ضبابي
فأتيتُ أهديك الغرام وأنثني يا بحر في عينيك حيث شبابي
بفؤاد شاعرةٍ تعودتِ الأسى وخيالِ أنثى خلف ألف إهاب
عصفتْ برقتها الرياح وسُعرتْ بين الجوانح ثورةُ الكتّاب
قلمي ينوح من المرارة هازئاً والموج يدعو البوح للإسهاب
قد مل صوت الحبر يقطر صامتاً ومللتُ تأتأتي لوصف عذابي
وأنا التي قد كنت أَعجب دائماً من جبن قلب العاشق الهياب
سأقول ما أخفيتُه عن خاطري وسترتُ في عينيّ عن أهدابي
فانشرْ حكايتنا وغنِّ هيامنا ما عدتُ أخشى سطوة الحُجّاب