الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016

أما بعد

أمّا بعد
وقفت لموكب عرسها تتأهبُ =  من بعد ما طرب الحماة وأطربوا
نظموا القوافي من زلال معينها = والدهر يحفظُ والمجامع تكتبُ
وتبارت الأقلام في تمجيدها = ذا موجِزٌ فيها وهذا مطنِبٌ
فإذا بها والكون يرقب تعتلي = درجات منبرها العتيق و تخطبُ
تثني على الرحمن قدر علوّه = و بذكر صفوة خلقه تتطيبُ
وتقول : أما بعد يا من خلدوا =   ذكري وصوتي في الأنام مُغيَّبُ
وكأنني رمز عَفَتْ أيامه = ليعود من ركنٍ قصيٍ ينعبُ
وكأنني لم أُسمِع الدنيا صدى =  وحيٍ تلقّاه الجَنانُ الأرحبُ
وجوانحي وقف على أنواره = فالروح جسرٌ والفؤاد المركبُ
ولقد هززتُ الكون من أم القرى = لتحلّني أفق المعالي يثربُ
فصّلتُ أثواب العلوم وحكتها =  ومضيت أوجز في البيان وأطنبُ
وشققتُ عن قلب الحياة فأينعتْ = واشتارها من راحتيّ الكوكبُ
شرّفتُ أهلي يوم كان لِصيتِهم =   في العالمين صدىً يجيء ويذهبُ
وجلالهم قدسٌ وحكمتهم هدى =  و جنابهم في كل صقع يُرهبُ
وبسطتُ تاريخي وسقتُ محامدي = وأنا على أمجادهم أتقلبُ
سقتُ السلام على جناحي للورى = عربية عن كل خير أعربُ
من صيتِ ألسنةٍ تضوّع ذكرها =  ما تاه عني مشرقٌ أو مغربُ
واليوم تحتلون كوناً شاسعا = و سناي منهوكٌ وقلبي مجدبُ
أخباركم في الكون لا تحكي سوى = عاتٍ يثورُ وهادمٍ يتوثبُ
أشتاتكم عجمى وأمجادي سدى = ولسانُ كل ذوي مرادٍ مذهبُ
وجحيم مشرقكم تلظى قاذفاً = حمماً يذوب على لظاها المغربُ
وضجيجكم قد ضاقت الدنيا به =   وأنا على جمر البلى أتقلبُ
ومخاوفي شتى تباريها خطى = في ذيل كل مسيرة تتذبذبُ
عن أي حبٍ تهرفون وفعلكم  =  بغضٌ إلى كل الجهاتِ مصوّبُ
وحرائقٌ هوجاء طال لهيبها =   روحي التي لما تزل تتعذبُ
وتعاقرون الحرب تحت ملاءتي = وأنا هنا في معبدي أترهبُ
لا تدفنوني في غياهب جهلكم = و منائري في كل أفق تضربُ
تسمو اللغات إذا سما أقوامها = وإذا تردّوا تستكينُ وتُصلبُ
قوموا رعاكم ربكم واستدركوا =  تاريخكم إن كان ثمّة مطلبُ
وتعاهدوا بالنور ليل مسيركم =  وتذكروا أني هنا أترقبُ


الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016

بين مد وجزر

بين جزر ومد
يا هوىً في معبد الإلهام طافا  بفؤادٍ مل في الصمت اعتكافا
نبضه استسقاه تواقاً إلى   لحظة تنضو عن الحلم الشغافا
فخطا في كل صوب خطوة  موغلاً بين الأعاصير التفافا
فيه نارٌ تتلظى لم تُشع   من خبايا صدرها إلا كَفافا
يا مداه اتركه في أوهامه   ناره توقظه مهما تغافى
ثم واسيني على حرقته   إن جنى من جدب دنياه القطافا  
واطوني إن شئت في رمضائه  أو فأودعني ثناياه اللطافا
ربما يخطفني من صحوةٍ  غاب عنها الحس أو نومٍ تجافى
ربما يخلق لي عصفورة   تجتني من بين جنبيّ اعترافا
تنقر الحب فيهفو قطرة   ثم تزجيه بحوراً وضفافا
أو يناجي فيّ حسناً غائراً  فأرى نفسي بعينيه اكتشافا
يرتمي بي نحو مرج من رؤىً  ذوبتْ أحضانُه الخضرُ الجفافا
نحو جيتار طروبٍ ينثني   نغماً يكتنف الروح اكتنافا  
ربما يخرجني مني إلى   روض أطيابٍ من الفردوس وافى
يا لآمالٍ رعاها في فمي    خافقٌ رفَّ وإحساسٌ تعافى
خافق تاهت به أمواجه    ثم ألقت دفة النبض جزافا
نصفه ضدي ونصفي ضده   والهوى يلهو عزوفاً و انجرافا
وأنا ألهث في كينونتي   يعتريني التيه  صمتاً وهتافاً
بي من الشوق المخفّى سطوةٌ  ملأت أضلاع دنياي ارتجافا
و رهاباً جبت في جلبابه   طرقات الموت سعياً وطوافا
صرخات الأمس تعوي في دمي  وهو جارٍ مقسمٌ ألا يخافا
عزمه وافاه من روح خبت  ثم رامت للأغاريد انعطافا
فإذا ثَم حروفٌ كالدمى   غضة تغترف الحب اغترافا
سافرت في الحلم ثم استوطنت  قلماً يضحك حزناً وصحافا

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016

يا هذه (الجمسُ)



يا هذه (الجمسُ) رِقّي إنني بشرُ = قلبي إذا زادت الأعطال ينفطرُ
تئن محفظتي ضيقاً وحق لها = لمّا تعنُّ لها الشمعات والأطرُ
وإن بليتِ بحمى بِتُّ في أرقٍ = والصبح جابٍ على جفنيّ ينتظرُ
فإن عتتْ بـ(مجيد الدين) مغضبة = يهوي عليكِ فلا يبقي ولا يذرُ
وأنزوي خلفه وجلى وأبصره = يكاد في مقعدي المحظور ينفجرُ
يطارد الطرق الهوجاء مجتهداً = في كل مهلكة يرقى وينحدرُ
وللكوابح آجال فيقطعها = وللتروس أحاسيس فتنكسرُ
ورقصة الهيكل المهدود تفقدني = عقلي إذا عزفت ألحانها الحفرُ
فإن رفعتُ لجهلي كف معترضٍ = يوماً تطاير من آذانه الشررُ
فازداد طين المآسي بلة فإذا = بي بعد مغضبتي أصبحت أعتذرُ
ذقت الأمرين لاستخراج رخصته = ولم أزل من نقاط الأمن أستترُ
لو قسموا الأمر فيما بيننا فأنا = كما دفعت رسوم الفحص أختبرُ
وهو المبجل تكفيني فخامته = و صاحباه عليّ الفقر والخطرُ
لا يلتقي(ساهراً) إلا ويؤنسه = ولو يطال لأرضى كل من سهروا
رحماكِ يا هذه الغبراء إن يدي = مغلولة وكياني كله بصرُ
لا تأخذي الثأر مني عن فظاظته = إني بأمر (مجيد الدين) أأتمرُ
فلتوقفا هذه الجولات بينكما = منه الفتيل ومنك القدح والشررُ
إذ تعلنين عليه الحرب وهو لها = وتصبحين حطاماً حين ينتصرُ
تعنينه أنت أم تعنين جارته = تلك التي فيكما تُبلى وتصطبرُ
رقا عليّ فما لي غير فضلكما = مأسورة فوق رأسي العار يستعرُ
فإن دببتُ على رجليّ قاضية = شأناً تناكرني في الشارع البشرُ
كأنني كائن ألقى الفضاء به = واستغربت كنهه الأحداق والفِكَرُ
يا ليت مركبة الماضي تعود لنا = أو ليت طاقية الإخفاء تُبتكرُ
أو ليت برمجة الحاسوب تنقلنا = رمزاً خلال أثير الكون يُختصرُ
أو يشحذ المبدعون اليوم همتهم = لعل معجزة في الغيب تختمرُ
كأن نسيِّر بالإيحاء عالمنا = أو أن تقوم مقام الأنفس الصورُ
أو نكتري كوكباً لا حيّ يسكنه = أو تُفتق الأرض عن حَلٍ فتنشطرُ
مالي أصيخ لأفكار مهلهلة = تكاد تضحك مني وهي تنهمرُ
ماذا عساي ختام الأمر فاعلة = إني على أحسن الأحوال أنتظرُ


السبت، 27 أغسطس 2016

ابك يا عمران

ابكِ يا عمران ! قل شيئاً ! تضجرْ !!

هُز فينا النقمة الخرساء والحزن المصبرْ

هذه النظرة كابوس سيبقى جاثماً في صحو أمة

ومراراً لاذعاً تجتره في كل لقمة

سوف تبقى طقس ذكرى لانتحار الرأي في سبعين قمة

صفعة للعدل للشرعية الغراء للظلم الموقر

هذه النظرة مرآة لتاريخ كسير ليس أكثرْ



قد تجاسرنا وأخرجناك من أحضان سقفكْ

كي نواري ضعفنا في حمل ضعفكْ

نحن أنجيناك من حتفك أم قدناك قسراً نحو حتفكْ ؟!

شاهدٌ أنت من الأنقاض في قيد الزمنْ

فتحدثْ عن بقايا مزق الأمن وجثمان الوطنْ

وتحدثْ عنك عن رحلتك الأولى إلى عالمنا

وتحدثْ عن مزيج الدم والطين بكفكْ



سوف تُمحى عنك يا مبهور آثار الحطامْ

وستنسى السكتة الأولى وتعتاد الكلامْ

وستصحو وتنامْ

وسيبقى فيك من آثارنا أمسٌ مفخخْ

ودويٌّ وانهيارات و طغيان مؤرخْ

وخبايا نقمة من دون وعي منك تصرخْ

وستبقى صورة ننشرها في كل ذكرى للسلامْ



هشمتنا تانك العينان يا عمران ! لكنا سننسى

وعلينا أن نحط الجرح عن أكتافنا

وعلى حاضرك الموؤود أن يصبح أمسا

إنها عادتنا في الحزن من آماد نكسات بعيدة

خربشات وأناشيد وأنهار دموع

ثم يخبو ذلك الإلهام فينا وعلى طاغٍ همام أن يعيده

ثم نبكي ثم ننسى

ريثما تلتقط الأيام عنا صورة أكثر بؤسا



لم تكن أول من يدفع في فاتورة الحفل السياسي

لا ولست الأول المرصود في قائمة القهر وأرشيف المآسي

غير أن الآخرين استأنسوا دفء الدمار

تركونا نفهم الأحداث من ألسنة النار وأفواه الحجار

وارتقيت المقعد الشاخص تلقي خطبة الصمت على جمع الكبار

تشهر الخمسة أعوام أداةً تنقش الخزي

على هامات عباد الكراسي

الأحد، 14 أغسطس 2016

عليكم بالنساء

  
#كاتب يهين نساء ال.........
#لماذا “بعض” البنات ال....... قبيحات وغبيات؟
# المرأة ذات الميول الرياضي لا تستحق الاحترام
#حملة ضد قيادة المرأة للسيارة
# حملة مع قيادة المرأة للسيارة
إلخ.........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليكم بالنساء
لا تكترث بالعدل أو بالمنطقِ = واحمل كما تهوى على النصف الشقي
قل ما تريد وانتصر لما ترى  =   وافتح مغاليق الأثير المطلقِ
واستعرض الظرف الذي أوتيته =  فينا وطب نفساً و أبدع وارتقِ
لا تكتئب مهما سفحت من دمٍ =  في فلسفات العالمين مهرقِ
فإن ملكت القول فاسترسل وإن = ضاق القريح فارض بالتحذلقِ
و اهذر فما أنت المرجّى دونهم = ما خطه الأفّاق يمليه النقي
خطوبنا في كونكم لا تنتهي = حواء جاءت بالأجل الأسبقِ
ثم اقتفيناها خطى تتلو خطى=  حتى أتينا بالبلاء المحدقِ
ما جاءه إبليس من إغوائنا =  لما عصى وكان قبلُ المتقي
نحن ابتلاء دهركم فاستنفروا = وجهزوا للحرب كل فيلقِ
هيا املؤوا ما جف من أقلامكم = واستنطقوا فينا الذي لم ينطقِ
إن جال فينا الحرف أي جولة=  هلّ البيان واستزاد المستقي
فألف يعقوب وألف حاجة = على تفاصيل النساء تلتقي
فالذائد الصنديد عن حقوقنا = على هوىً مغرِّبٍ مشرِّقِ
يدس في استبساله غاياته = والسم في سلافه المعتقِ
ومُشعل الساحات من إبداعه = في الحاجبين واللباس الضيقِ
يهتز من هول التباكي والأسى =  وجداً على تمويجة في مفرقِ
رصيده معلومة مغبرة =  من مرجعٍ فانٍ ورأس مغلقِ
ومبدأ أعمى وفكر عائم  =قد قُص من كتيبٍ ملفقِ
مستنزل في كل ساح همه = من تتقي منا و من لا تتقي
يستخرج الألقاب من جلبابه = يقضي بقلب العارف المستوثقِ
والكاتب المغمور من يدري به =  أنى له تحقيق أسباب الرقي
إن لم يلُكْنا مبهرا قراءه = مستلهماً من كل ناب أزرقِ
يحتال للتهريج مهما مجه = يرجو مزيد السبق والتألقِ
وقد ترى فوج الضحايا حوله =   ينهال بالتصفيق والتملقِ
خوفاً من الهجوم ؟ أو تغابياً ؟=  أو قصد إثبات الولاء المطلقِ !
وإن غشى مهوِّماً شيطانُه =   واسترسلت عيناه تحت البخنقِ
صاغ النسيب دونما تحفّظٍ = وانساق للإلهام والتدفقِ
مستقصياً أخفى الخفايا مبحراً=  في السرد والتهويم والترققِ
يبث كل منبر شجونه = على تقاسيم الأرق الأرشقِ
فإن صبت حسناء من قصيدة  =  تلاعبت أمواجها بالزورقِ
هاج النصوح مشهراً سلاحه = فالحكم ماض دونما ترفقِ
يلقي خطايا العالمين عندها = مستنفداً من أمنها ما قد ما بقي
مبرئاً ساحات تجار الهوى=  مطّوعاً فيهم لحمل البيرقِ
يوري زناد اللوم فيها حاملاً =  روح المعادي في إهاب المشفقِ
ينعى بموفور الأسى إيمانها =من بعد حكمٍ بالهلاك المطبقِ
ماذا جنت ؟ وما الذي لم تجنه ؟ = تمايلت مع ذلك المحلقِ !
واستنشقت محظور نسمات الهوى= واستسلمت للوجد والتعشقِ
قد تم ضبط الجرم في أشيائها =  آثارِ نبضات وقلبٍ مورقِ
لكن أدهى ما استتم ضبطه=  كيس من الأفكار لم تُدققِ
ومفردات كالشرار تصطلي = لاحت لنا وإن تكن لم تُنطقِ
حقاً ؟! إذاً تغتال في أكمامها  =من قبل وقت النضج والتفتقِ
يا أيها الطموح لن تعلو إذا    = أبقيت صوت حرة لم يُخنقِ
دنياك لن تصفو وهن ملؤها  =  فاطمس على آثارهن ترتقِ
وحسبهن خندق في معزلٍ =  يحاط خوف غفلة بخندقِ

الأربعاء، 13 يوليو 2016

من قلب المدينة

         من قلب المدينة
حتى وبين جوانحي جسد النبي  
                    وخطاه فوق ثراي لم تتغيبِ
وعليّ من قسماته إطلالة    
                        وشذاه باق في أثيري الطيبِ
حتى وصوت بلال يملأ أضلعي  
                        بوجيب رؤياه التي لم تكذبِ  
وطيالسي طهرٌ وتيجاني هدىً  
                                  لفؤاد كل متيمٍ متقربِ
وأنا سنا الدنيا ومهجر أحمدٍ    
                        وأنا التي عن نهجه لم ترغبِ
وأنا التي استقبلت أعلام الهدى  
                      وحميتهم من سَورة المتوثبِ
وضممتهم وشفيت غيظ قلوبهم 
                   إذ كنت مأربهم وكانوا مأربي
حتى وطيف العيد يلمس جبهتي  
                وأسى الوداع على جفون المغربِ
يجتاحني الإرهاب يشعل ناره 
           في مرفئي الغافي وروضي المعشبِ
من أين جئتم يا مراسيل الدجى 
                  والنور من قلبي مداد الكوكبِ
وسبقتم الفرح المطلّ بخطوة   
                 وشربتم الكأس التي لم تشربِ
أفزعتم الشهر الذي أودعته 
                  أملي ووعد هلاله لم يغربِ
يا من سريتَ إليّ ممتطياً ردىً   
             يا خيبة المسرى وشؤم المركبِ
كيف انسللت إلى فناء قداستي 
                    أرديتني عمداً ولم تتهيبِ
ونصبت هاتيك الشراك على ثرى  
                   حرمٍ بآفاق الخشوع  مقببِ
مزقتهم ما بين وجهٍ شاخصٍ  
               أو خافقٍ نحو السماء مصوّبِ
وتركتني ألتاع وجلى في حمىً  
                    بدماء حراس السلام مخضبِ    
وأشد حبل الصبر فوق مصيبتي  
                وأعيد تذكار الرعيل الأطيبِ
فلطالما كانوا أساة نوازلي   
           حتى استعضت بطيبة عن يثربِ
وغرست أفنان السلام فأينعت 
                 ظلاً يتاح لمعجِمٍ ولمعرِبِ
واليوم جئتَ وفيك ألف خيانة 
                  بلسان أفّاقٍ وقلبِ مكذّبِ
ماذا أقول وليس يسمع منطقي  
              غِرٌّ قضى هدراً ولم يستوعبِ
أن القضية سلطة وسياسة   
              ليست لمعتنَقٍ ولا عن مذهبِ
أن المراد على النقيض وأنه 
                 ما كان إلا لعبة في ملعبِ 
ماذا أقول ولست أي مدينة 
                   فأنا اختيار الله للدين الأبي
وعليّ للتاريخ أقلام زكتْ 
                      لله ما كتبتْ ومالم تكتبِ
هيهات أن ينجو بغدري آثمٌ 
                  وتطالني كفٌ لعاتٍ مذنبِ
  ميعادكم صبحٌ قريب فارقبوا  
                      والويل للجاني وللمتسببِ  
   والنار مثواكم وإن طال المدى 
                  فخذوا جميعاً عدة المتأهبِ

الثلاثاء، 15 مارس 2016

أريد أباً


 أتتْ تبكي كما لم تبكِ في سنواتِها الأربعْ
وقالتْ والأسى نهرٌ إلى وجناتِها يهرعْ
أريدُ أباً كجارتِنا ...

لديها واحد يهدي لها الألعاب والحلوى
ويحملها على كتفيه حين تئن بالشكوى
فهاتي لي أباً في مثل قوته
بل اختاري أباً أقوى
أريدُ أباً بلمح البرق أو أسرع

    
أريدُ أباً أتيه على رفيقاتي بقامته
وأجمع أطرف الكلمات من أجل ابتسامته
يخبئ لي أزاهيراً وأثواباً وأطواقاً
وتاجاً مثل تاج أميرة الأحلام براقاً
يحدثني طويلاً عن بطولته
وكيف تعود الميدان أن يأتيه سباقاً
ويطوي بي كما الآباء آفاقاً مجنحة
وحين أخاف أدفن رجف قلبي في عمامته

 
لديكِ المالُ يا ماما
وفي حصالتي كنز عكفت عليه أياما
فقومي واذهبي للسوقِ وابتاعي أباً من أي دكان
قوياً طيباً أهواه من فوري ويهواني
يدللني
أسرح شعره بيدي
يخبئني ويلقاني
يدندن في سريري أو يصلي قرب نافذتي
ويفرح عندما أعطيه مسبحتي وقرآني
أباً كالغيم كالأعياد كالأفراح بساماً


يعودُ إليّ مشتاقاً حكاياتي
يقبلني يعانقني
ويسألُ عن دُماي وعن صديقاتي
و تبهرُهُ ورودُ ظفائري وإطارُ مرآتي
وراحتْ طفلتي تبكي
تهزّ يديّ تستجدي بطولاتي
تمدُّ يدين ناعمتين تحفرُ في شراييني
ووهجَ براءةٍ يوري براكيني
وتقتلني بنبرةِ صوتِها المبحوحِ
ثم تعودُ ترجوني فتحييني


ضممتُ شذى براءتِها إلى بستانِ أشواكي
لثمتُ بكل صبري قلبها الباكي
وقلتُ بحرقتي الخرساء
يا ريحانتي بالله رُحماك

ورحت أكفكف الطوفان في روحي
فتستسقيه أهدابي
ويرجف ذلك المسجونُ خلفَ سياجِ أثوابي
وتطفو جثة الأيام باردة على ثغري
حكاياي التي جاهدت في نسيانها عمري
بذات اللون ذات الطعم ذات الملمس الصخري
برائحة تكاد تبوح بالمخبوء دهراً خلف أبوابي


ضممت صغيرتي لأصد عنها وهج حسرتها
وأنجو بالذي أبقاه دمعي من جسارتها
وأوصدت المدى بجراحه الوجلى
على امرأة تنوء بعمرها الأحلى
وذاكرةٍ تطاردها كإعصارٍ
وصوتِ يتيمةٍ ثكلى : تريدُ أباً كجارتها
 

الثلاثاء، 12 يناير 2016

قصائد خائفة



مرعوبة قصائدي
موؤودة في جوفها براعم الحنين
في كل حرف هزة أرضية 

وخلف كل آهة كمين
وبين كل نقطتين نقطة وفاصلة
كأنها مسائل رقمية للنظم أو معادلة
أجزّ من أطرافها المصلوبة الإحساس أي نبضة مخاتلة
وخوف أن يفتشوا رفاتها أدس ما استطعت من مبادئ اليقين


قصائدي لا تحسن الإصغاء للسماء
لا تحسن الإبحار في سحائب الضياء
لا تحسن العزف على جدائل المساء
ترتاب في المشاعر الجريئة المهلهلة
تخال كل أنة حيرى ظلال مقصلة
وكل ومض فكرة نهاية مرتلة
تخاف من بهائها
تظنه ذريعة لتهمة تحلها غياهب الشقاء


قصائدي تخبئ الإحساس عن حروفها
لأنها تخشى من اللصوصْ
أولئك الذين يسرقون عند جوعهم حدائق النصوصْ
وينصبون عند كل روعة تلوح فيها مصيدة
ويتبعون كل حرف بالعيون الموقدة
يحاربون الوهج في العروق ثم يقمعون الأفئدة
ويجهضون الحب في القصائدِ
كطفرةٍ جينيةٍ في كل معروف وكل سائدِ
كرِدةٍ كنكسةٍ كفتنةٍ تجرجر الفضيلة العصماء للنكوصْ


قصائدي تخافهم لأنها من خيمة الحريمْ
ونونها عار وهمس عطرها جحيمْ
ووجهها مخبأ وبوحها عقيمْ
آمالها على عروش مجدهم معلقةْ
شجونها مغلوطة وذاتها ملفقةْ
تخاطب المداد من وراء ألف شرنقةْ
تطأطئ الحروف في بلاطهم
وتنحني لأي معوَجٍّ يهز ظله وأي مستقيمْ


لا تأملي في النور يا سجينتي فليس ثَم نور
تلفعي بحبرك الخفي ثم هادني السطور
تصحري ما شئت ثم دندني لروعة الرواء
تشربي الظلام ثم مجدي الضياء
وهللي من جحرك القصي للفضاء
لا تسألي ففي السؤال ريبة
وفي الإجابات انتهاك فاضح لسَمْتِك الطهور


عرفتِ يا قصائدي حدود ما يقال ؟
أدركت قصد ساسة الكمال
إذ يذبحون الكبش كل مرة ويطمسون بؤرة الضلال
فإن دهتك جرأة واستيقظت فيك الحروف الغافية
فلتخلقي بحراً نسائياً بنصف قافية
بنصفِ إحساسٍ بنصفِ روعةٍ
ولتلهميه السخف والإسفاف حتى تلبسي التهميش ثوب عافية
وتغنمي السلام في الظلال