وأتيت يا رمضان
وأتيتَ تهدي الفجر للفجرِ
وتبث روح الخير في الخيرِ
وأتيتَ والآفاق أفئدةٌ
مرهونة بمنازل البدرِ
فكأنها ورؤاكَ غايتها جمعتْ
خيوط العام في شهرِ
وكأنها مذ ودعتكَ هنا قد
أومأتْ للشمس بالأمرِ
فمحتْ حساب الوقت وامتثلتْ ترنو
إلى أيامك الزُهر
آنستنا يا واحةً وَرَفَتْ وجحيمنا في الأرض يستشري
وحرائق الأرزاء تكنفنا والموت عبر عروقنا يسري
تغفو الأماني في محاجرنا لتفيق
من عسرٍ على عسرِ
عامٌ أضيف إلى هزائمنا أوّاهُ
يا رمضان لو تدري
كم شُربَتْ بالصبر ريشته كي تمزجَ
الآلام بالحبرِ
لما رآنا نحتسي دمنا ونصدُ
نار الغدر بالغدرِ
جسداً تنازعَ حارَ ساجدُنا يدعو
لأيِّ يديه بالنصرِ
رمضانُ دعْ ما قلتُ إنّ يدي
نزفتْ مداد الحزن من صدري
فاستقبلتكَ مواجعي هرباً لِحِماكَ
فاقبل سيدي عذري
واشفع لحرف ظامئٍ لَهِفٍ في
حالِكِ الأيام للفجرِ
يا قادماً ما زال مرتحلاً
شتان بين الوصل والهجرِ
هيا املأ الآفاق مرحمة
وابسط يديك بوارف البشرِ
وابذل لنا الأطياب نرقبها إنا
نروم مضاعف الأجرِ
إنا إلى رياك في شغف وإلى
الندى والعتق والطهرِ
ولأنت والأرواح ملحمة
أزلية كالأرض والقطرِ
رمضان شكراً أن رجعتَ على ما
كان واستعصمتَ بالصبرِ
شكراً لأنك ما برِمتَ بنا
وجنوحُنا في السر والجهرِ
شكراً لمن أهداك أمتنا وهو
الحقيق بأعظم الشكرِ
برٍ كريمِ البذل بلّغنا شهراً
يغيّرُ حسبة الدهرِ
رمضانُ يا زمناً يطير بنا
للأفق من عشرٍ إلى عشرِ
يزجي السلام إلى عوالمنا
متهادياً في ليلة القدرِ
يا روضة القرآن كم أملٍ
أحييته في خشعة الوترِ
يا منبع الخيرات يا سكن الأرواح يا بوابة الذكرِ
عُدْ ثم عُدْ فالعمر يسرقنا وشموسنا لمغيبها تجري
واعبرْ بنا وارأفْ بغربتنا ثقلتْ علينا وطأة الوزرِ