السبت، 29 أبريل 2017

أردت أن أقول ..لأمي

                                 
 أردت أن أقول
في كل أعمار السكوت بيننا أردت أن أقول
أردت أن أجرد الحروف من رُهابها
أن أكسر الصمت الذي اعتنقتُه
أن أوقف الدوار أن أراوغ الذهول

أردت أن أقول إني آسفة                             
لما قرأتِ في ملامحي وأنتِ خائفة         
لذلك اليأس الذي قد فر مني هارباً إليك   
لدمعة نسيتُها تنساب في يديك     
للهاتف المقفول للوقت الذي أهدرتِه
تستجوبين الخوف والهواجس المجازفة   

أردت أن أقول إن الحزن ما استشارني       
لما نهى عينيه عن فراقي
لما استحلني ولم يمل من عناقي
لكنني أخذت عهداً منه أن يخفي الهوى 
فإذ به ينساب فوق وجنتيكِ لحظة التلاقي

أردت أن أقول يوم عيدِ أمهاتْ
وبعدما خبأتُ في وسادتي قوائم الهدايا
أن الذي أعددتُه قليلْ
لأنني أحصيت من أعيادنا المئات
لأنها تزيد كل مرة
لأن أعياداً تهل كلما تستنهضين الشمس
 ثم كلما تعانقين أنجم السبات 

أردت أن أبث فيكِ ذلك الشعور    
ذاك الذي جمعتُهُ
من أعين الأماكن التي سكنتِ روحها     
ومن خشوعها لوحي لحظة الحضور
ونبضها الذي أراه إذ تضم طيفك الطهور
من شوقها للموعد الجديد       
إذ لم تكوني قد نويتِ حينها أن تغلقي منافذ العبور

أردتُ أن أقرَّ ألف مرة لصوتك الندي بالهيامْ
وأنني مدينة له بكل لحظة عانقتُ في أوتارها الغمامْ
أو ذبتُ في نايات ليلٍ ينتحبْ
أو انسكبتُ في دموع عاشقٍ
أو جبتُ آفاقي على نجوى محبْ
أو انزويتُ في صدى مقطوعةٍ
أو في فؤاد طفلةٍ
تريد أن تنامْ         

أردت أن أشذب القصيدة الجديدةْ 
لزرعها على ربى شباكك الخصيبْ 
كي ترتوي إذا قرأتِ آيةً
أو ابتهلتِ
 أو رفعتِ للسماء وجهك الحبيبْ

أردتُ أن أحكي لدرويش عن الحنينْ
إذ أحتسي ذاك الشذى الذي تحضّرينْ
عن جرعةٍ من النعيم زائدةْ            
تهزني للخلد كل مرةٍ                 
والحبِ ممزوجاً بوهج الروح فوق مائدةْ
والدفءِ يسري بين أضلاع الليالي الباردةْ
أردت أن أحكي له عن جنة تهمي من الحكايا
وأنت تسردينْ

لو لم أضيّع في غيوب الصمت مفرداتي       
لو لم أكبّل عن سماء البوح أمنياتي    
لو أنني أطلقت قيد الأضلع الكتومة
لو أنني كشفت عن أفق الرضا غيومه 
لو انهمرتُ منه سيمفونية للعشق والأمومة  
لو أنني سبقتُ ( لو ) بخطوةٍ جريئةٍ    
لما استحالتْ أحرفي حرائقاً تقتص طول العمر من سباتي


الأربعاء، 15 مارس 2017

نقطة نهاية










وضعتِ إذاً نقطة للنهاية ؟!
ولم يكتمل بعد نص الحياة التي كتبتنا معاً ذات سردٍ
فماذا سيحدث فيما تبقّى
وكيف ستُحبك باقي الفصول
وقد كنتِ كل شخوص الرواية
وكيف سأمضي لفصل الختام
وما زلتُ عالقة في البداية

لقد كنتِ حاضرة في كياني
وكان الطبيعي ألا تغيبي
وكنا اتفقنا ابتداء على خطة للمسير
وكنا اتفقنا إذا ما تعبنا سوياً على خطة للهروب
لقد كنتِ ضمن الثوابت فيّ
إلى أن تغير وجه الطبيب !!

وأعلم أني أطلتُ الطفولة بين ذراعيك
شاطرتك العمر ذات الدثار
عبثتُ كثيراً بتلك الجديلة
وأجهدتُ تلك العيون الجميلة
وآمنت أنك تدرين عن كل شيء
وتمتلكين العصا والفوانيس والمعجزات
وبين ضلوعك كهفاً يخبئ كل النبوءات
أعلم أني تماديت في ترّهات الصغار
فقررتِ أن تتنحَّي لأكبرَ
لكنني شبت ذاك النهار

عبرتِ إلى النور من ثغرة في خضمّ الزحام
تسربتِ كالعطر للمنتهى للسلام
تساميتِ في غفوة خاتلتني
فلما انتبهتُ إلى أنني عدت للصحو وحدي
رأيتك تبتسمين هناك
فأقسمت أقسمت ألا أنام

ولو كنتِ أخبرتِني حين كنا نحوك الحياة على مقعدين
لكنتُ تخطيتُ سور النهاية قبلك
كنت هنالك قبل خلود الفؤاد إلى الصمت
قبل ارتخاء اليدين
وكنت تسلقتُ بوابة الفقد غافلت حراسها
وانشطرتُ على الجانبين
فإما تعودين أو نتدبر في الحال مضطجعاً لاثنتين

كتبناه عقد شراكة عمر فما ثَم أوفى ولا ثَم أمضى !
فرضناه شرعاً على كل سانحة في دروب الحياة
فما كان أحلاه فرضا !
وصغناه دون انتهاءٍ
ودون شروط ودون بنود بديلة
فتباً لجهلي بفرق المواقيت
تباً لكل العقود الطويلة
وتباً لكل الشراكات إن كان لا بد من أن تفضا

أتدرين أنك كنت ابنتي مثل ما كنت أمي
وكنت أعيش أمانيّ فيكِ تماماً وأنت تعيشين حلمي
وكنتِ تبرينني حين تهدينني مجد بركْ
وتفضين لي مثل كل البنات بمكنون صدركْ
وتصغين لي باهتمام إذا ما اجتررت رؤاكِ
وحلقت في غيمة فوق بحركْ
أتدرين أني كتبت الوصايا وأني تركت لعينيكِ همي

أيا ابنة عمران بالله أين أهيم بروحي
وقد شف عنك ستار الليالي
لتمتهن الذكريات المثولا
ومحرابك الحي يتلو تعاويذه بارتياح
وآيات نجواه تزداد طولا
وكيف أراوغ مضطجعا نافذ الصبر
كيف أراوغ فجراً سؤولا

مضيتِ على غفلة من عيون الهوى يا حسينة
ولم أنتبه لنذير الفراق الذي قرأتْه عليّ الرؤى مرتين
ولم أنتبه للمداد الذي كنت تستنفدينه
لقد كنتُ سكرى بعمر بدأتُ به الحب فيك
وكنتِ ويا أسفي تختمينه