الحياء في لحظات الوداع
تلمَّسَ من شعاعِ الشمسِ خيـــــطاً رَمَتْهُ وراءَها عــــندَ الأصيـــــلِ
ليكتـــبَ في رداءِ الأفْقِ شيـــــــئاً يذكِّرنـــا به بعدَ الرحيــــــــــــلِ
فقال وقد تقلــــَّــــــدَ سيــــفَ عزمٍ فليسَ إلى رجـــــوعٍ من سبيـــلِ
مضى أهلي فضاقت بي حيـــــاتي وطالت غربتي من بعد جيـــــلي
جفاني الناسُ حيث نزلــــــتُ فيهم ولم يسعــــــــوا لإكرامِ النـــزيلِ
تمجُّ عيونـُـهم قســـــماتِ وجهــــي وتنـــكرُ سالفَ العهدِ الجميـــــلِ
لقد أصبحتُ في الدنيا دخيـــــــــلاً وشأنُ النــــاسِ إهمالُ الدخيــــلِ
فلا وجهاً مزجتُ به رُوائـِـــــــي وصُغْتُ جَمـــــالَه من سلسَبـيــلي
ولا عيــــناً سكبْـــــــتُ بها شُعاعاً ففاضَ سناهُ في الروضِ الأسيـلِ
ألم أكُ شــعبـــــــــــــــةً للدينِ دوماً ألم أك قمّـــــــَةَ الخُلُقِ الفضــــيلِ
أليسَ اللهُ ستــــّـــــــارا ًحَيـــــــــِّــياً ألم ينهــــجْ ذوو التقوى سبيـلـــي
ألسْتُ أنا الذي أغـضَتْ بفضلِــــــي ملائكةٌ من الشــــــــــيخِ الجليـــلِ
ألم أجمع خصال الخير دهــــــــــراً وأرفعْ رايـــــــةَ الحســــنِ النبيلِ
فما لِي اليــــــومَ مطـــروحٌ أعاني برودَ المــــوتِ في حزنِ الأصيلِ
ويرقصُ فوقَ أشـــــــــلائي سفورٌ وتبتهـــــــجُ الرذيلةُ من عويــلــي
هُزمتُ فأُرسِلَتْ من كل صــــــوبٍ سهامُ الغـــــــــدرِ للجسدِ الهــزيلِ
فلسْـــــتُ أرى ســـــوى أهلِ التثني ذوي الإسفافِ والذوقِ العليــــــلِ
كساةٌ كالعـــــــــراةِ يلــــــوذُ منهم سليــــــمُ القلبِ بالطرفِ الكليـــــلِ
مساحيقٌ و قصــَّــاتٌ وركــــــــضٌ وراءَ سَرابِ تقلـــــيدٍ وبيــــــــــلِ
يبـــــارون الــــــــنساءَ على المرايا ويرتجفون من ذِكـــــرِ الصليـــلِ
مسوخٌ جُــــرِّدتْ من كل معنـــــــى وحـــــادت في عتــــوٍّ عن سبيلي
وصـارَ العـــــــريُ ذوقاً عالمــــــياً ونبذُ مبادئي مفـــهومُ جيـــــــــــلِ
وشقَّ على بني قومـــــــــــي عتابي فليس لخاطري من مستمــــيـــــلِ
فقـالُـــــوا يا أخــَــا الأعرابِ عُذراً جديرٌ أنت بالذكـــــــر الجميـــــلِ
ولكن أن تكـــــون لــنا سلــــــــوكاً فضربٌ من ضــروبِ المستحيلِ
جمعْتُ فُتاتَ وَجْــــــهِي بعـــدَ يأسٍ تملَّكني وســـرْتُ إلى سبيــــــلي
فنادانِي رَفيــــــــــقاي انْــتـــــظِرْنا وقد وفيا على الأمـــــدِ الطويــلِ
وقالَ الخـــــــيرُ للإيمــانِ هيــــــــّا فما بعدَ الفَجِيـــــــــعةِ من مقيـــلِ
فنحنُ ثلاثــــــــــــةٌ أصحــابُ عهْدٍ حَفِظنـــَـــــاه رعيلاً عن رعيـــلِ
إذا ما رامَ واحــــــــــدُنا رَحِيــــــلاً هَمَمْنَا دونَ لأْيٍ بالرحــــــــــــيل