جفنٌ تمطى قادمٌ بي من بعيدْ
من مفرقِ الليل الذي قد شابَهُ الفجرُ الوليدْ
متوكئٌ حلماً تبخرَ بين طياتِ الوسنْ
لم يصحُ منه سوى بقايا من شجنْ
ومنبهٌ يهوي بفأسٍ من حديدْ
فوق الفراشاتِ التي كانت بنافذتي تميدْ
قد بددت أجراسُهُ همسَ الوسادْ
فاستبسل القلب الجريءُ مقاوماً أسر الرقادْ
و انساق للأقدار أسلمها القيادْ
فالصبحُ حيّا من جديدْ
الحمدُ لله الذي أحيا رفاتي الخامدةْ
كي أقتفي ساعاتِ يومي جاهدةْ
وأصيرُ عدةَ أنفسٍ في واحدةْ
واستيقظتْ دوامتي مع همسِ أطيارِ الشروقْ
تجري كما تجري دمائي في العروقْ
في عمق أعماقي لها رعد وفي عيني بروق
تجتاحني ألف من الأفكار واردة وألفٌ شاردة
من أين أبدأ والثواني سوط جلاد يدوّي في الوريد
حانت لروحي نفحةٌ قدسيةُ الأنفاس من روض الصلاة
ثم انطلقتُ كأنني جيشٌ من الأبطالِ في حربِ الحياة
أستل سيفاً من جراب الوقت أُبلِغُهُ مداهْ
فإذا نبا أرسلت قلبي خلفه يقفو خطاه
يحدوه عقرب ساعتي المدفون في صدري
وأظل ألهث أبتدي من حيث لا أدري
فإذا ظننتُ بأنني أنهيت أعمالي
علمتُ بأنني في ساعةِ الصفرِ
وبأن أحمالي تُبيد ولا تَبيد
صبحي تخطاني وأرهقني اللهاثْ
وأنا أطوِّف بالتياثْ
وقواي قد بدأت تسير على ثلاثْ
تتعانق الأعباء في فكري المشوش كالظلالْ
ولها مُنىً أن تنقضي قبل الزوالْ
أو تلحق الركب المؤجل للمساءْ
كل له بدء وليس له انتهاءْ
في حفرة الكدح التي هي كلما نقصت تزيدْ
ويمر يومٌ مجهدُ الأنفاسِ كالطيفِ العجولْ
من بعد أن تغتالَهُ أيدي الأفولْ
رحماك ربي ما لأعبائي تطولْ
وقوائمي في رأسي المحمومِ تنتظرُ
فينوءُ من ثقلٍ وينشطرُ
وصدىً لصوتٍ من غياباتي يقولْ
لي في غدٍ شأنٌ جديدْ
إن شاء ربي أن أرى الصبح الجديد