الثلاثاء، 14 يونيو 2011

الدوامة



جفنٌ تمطى قادمٌ بي من بعيدْ
من مفرقِ الليل الذي قد شابَهُ الفجرُ الوليدْ
متوكئٌ حلماً تبخرَ بين طياتِ الوسنْ
لم يصحُ منه سوى بقايا من شجنْ
ومنبهٌ يهوي بفأسٍ من حديدْ
فوق الفراشاتِ التي كانت بنافذتي تميدْ
قد بددت أجراسُهُ همسَ الوسادْ
فاستبسل القلب الجريءُ مقاوماً أسر الرقادْ
و انساق للأقدار أسلمها القيادْ
فالصبحُ حيّا من جديدْ

الحمدُ لله الذي أحيا رفاتي الخامدةْ
كي أقتفي ساعاتِ يومي جاهدةْ
وأصيرُ عدةَ أنفسٍ في واحدةْ
واستيقظتْ دوامتي مع همسِ أطيارِ الشروقْ
تجري كما تجري دمائي في العروقْ
في عمق أعماقي لها رعد وفي عيني بروق
تجتاحني ألف من الأفكار واردة وألفٌ شاردة
من أين أبدأ والثواني سوط جلاد يدوّي في الوريد

حانت لروحي نفحةٌ قدسيةُ الأنفاس من روض الصلاة
ثم انطلقتُ كأنني جيشٌ من الأبطالِ في حربِ الحياة
أستل سيفاً من جراب الوقت أُبلِغُهُ مداهْ
فإذا نبا أرسلت قلبي خلفه يقفو خطاه
يحدوه عقرب ساعتي المدفون في صدري
وأظل ألهث أبتدي من حيث لا أدري
فإذا ظننتُ بأنني أنهيت أعمالي
علمتُ بأنني في ساعةِ الصفرِ
وبأن أحمالي تُبيد ولا تَبيد


صبحي تخطاني وأرهقني اللهاثْ
وأنا أطوِّف بالتياثْ
وقواي قد بدأت تسير على ثلاثْ
تتعانق الأعباء في فكري المشوش كالظلالْ
ولها مُنىً أن تنقضي قبل الزوالْ
أو تلحق الركب المؤجل للمساءْ
كل له بدء وليس له انتهاءْ
في حفرة الكدح التي هي كلما نقصت تزيدْ

ويمر يومٌ مجهدُ الأنفاسِ كالطيفِ العجولْ
من بعد أن تغتالَهُ أيدي الأفولْ
رحماك ربي ما لأعبائي تطولْ
وقوائمي في رأسي المحمومِ تنتظرُ
فينوءُ من ثقلٍ وينشطرُ
وصدىً لصوتٍ من غياباتي يقولْ
لي في غدٍ شأنٌ جديدْ
إن شاء ربي أن أرى الصبح الجديد

حاديات النور



   

ألقيت في حفل تكريم المتقاعدات في وزارة التربية والتعليم بالمدينة المنورة

ها نحنُ فوقَ منصــــةِ العرفـانِ
في محفلٍ للعلمِ والإيمــــــــــانِ

حيثُ المنــــابرُ تزدهي بمقامِـها
حيثُ الهدى والمجدُ يلتقيـــــــانِ

بحضورِ ملهمةِ المساءِ شجونَــهُ
في ليلة قدسيـــــة الألــــــــوانِ

للعلمِ فيها أن يجـــــــــــرَّ إزارَهُ
مع خيرِ حاضرةٍ بخيرِ مكــــانِ

من حازت الفضلَ المؤثّلَ خالصاً
من أكرمِ الآبــــــــاءِ والإخوانِ

أهلِ العزائـــــمِ والفضائلِ والتقى
من أسرجوا للعلمِ كلَّ حِصـــانِ

نهـــدي إليهم حبَّـــــــــنا وولاءنا
لحنــــــــــــــاً نرددهُ بكـلِّ أوانِ

وأيادِ شكرٍ بالدعــــــــــــاءِ نمدُّها
بدوامِ تأييــــــدٍ على السلطــــانِ

ومثوبــــــــــةٍ من ماجدٍ من شأنهِ
أن يجزي الإحسانَ بالإحســــانِ

ونصوغَ آيات الثناءِ مضيـــــــئة
منظومةً من أحـرفٍ ومعـــــانِ

ونزفُها في مدحكـــنَّ قصـــــائدا
تُتلى على خجلٍ من النقصـــانِ

ما كان أوفـــــــاكنَّ كلَّ ثنائـــــهِ
لو كان للتعليــــمِ ألفُ لســـــانِ

في شكرِكنَّ تحــارُ ألسنةُ الرضـا
ويكِلُّ طرفُ الشكرِ والعرفـــانِ

أنتنَّ فـــخــرٌ للثناءِ وقمـــــــــــةٌ
شماءَ فوقَ الوصفِ والتبيــــــانِ

حزتُنَّ بالتعليـــــمِ خيــــرَ مكــانةٍ
من فيـضِ فضلِ الواهبِ المنانِ

يا حاديات النورِ في ركبِ الهدى
أنتنَّ عن كيــــــلِ المديحِ غــوانِ

أهدتْ إليكن المناهلُ نشـــــــرَها
ذكراً يضــوع شذاه في الأكـوان

فلقد حملتُنَّ الرســــالةَ بـــــــذرةً
قد عزَّ حاملُــــــها بكلِّ زمــــانِ

صنتنَّها عبرَ السنيــــــن فأينعتْ
لتظللَ الجـــــــوزاءَ بالأفنـــــانِ

شكراً لكنَّ مع الصبـــاحات التي
يا طالما شهدتْ خطى الإحسـانِ

شكراً لكنَّ مع النسائــــــمِ تغتدي
و بها إلى ردِّ الجميلِ أمــــــــانِ

شكراً لكنَّ مع البصـــائرِ تهتدي
في كلِّ سانحـــةٍ إلى ميـــــــــدانِ

فلقد أضأتنَّ الدروبَ لنشئِنــــــــا
في حُلكةِ الإسفافِ والهذيـــــــانِ

عشتنَّ في وجهِ الظلامِ مشـاعلا
في همــةٍ تعلو بغيــــــرِ تــــوانِ

كنتنَّ للخلقِ العظيمِ منـــــــــائرا
والجهلُ يغزو الكونَ كالطـــوفانِ

شِدتنَّ للوطنِ الشريــــفِ دعائما
فسما عظيماً ثابتَ الأركـــــــانِ

سرتنَّ في التهذيبِ خيرَ مسيــرةٍ
فليهنكنَّ تبتُّلُ الحيتــــــــــــــــانِ

كانت سِجِّلاً من صحائفِ رفـعةٍ
نقشتْ معانيــــها يدُ الإتقـــــــانِ

كانت نتاجَ تجاربٍ ومواقــــــفٍ
مزجت كؤوسَ السعدِ بالأحزانِ

كلُّ التفاصيلِ الصغيرةِ أصبحتْ
ذكرى تهزُّ مشاعرَ الســــــلوانِ

ومضتْ سريعاً وانمحتْ آثارُها
وكأنها في العمرِ بعضُ ثــــوانِ

مرتْ بكلِ صفائِها وعنائِــــــــها
كحكايـــــــــةٍ في دفترِ الوجدانِ

مرتْ كطيفٍ من خيالٍ عــــــابرٍ
وستنطوي في جعبةِ النسيـــــانِ

وسترتحلنَ اليومَ مثلَ سحائـــــبٍ
صبَّتْ غيوثَ الخيرِ والإيمـــانِ

ثم اعتلَتْ عرشَ الفخارِ وأطرقتْ
لترى ربيعَ عطائــِـــــها الفينانِ

ستظلُّ تذكرُكنَّ كلُّ فضيـــــــــلةٍ
و لمجدِكنَّ يشيـرُ كلُّ بنــــــــــانِ

ما قدَّرَ الرحمنُ في عليــــــــــائِهِ
أن يمتطي قلمٌ عنـــــانَ بيـــــــان