الأحد، 8 يوليو 2012

بين الخوف والرجاء


بين الخوف والرجاء

قل كلما ضاقت بك الأمداءُ
واستنكرت ظلماءك الظلماءُ
وتلعثمت بالحرف كلُ قصيدةٍ
وقست على أناتك الأصداءُ
يا رب أدركني بعاجل رحمةٍ
لا حول لي فعزيمتي أشلاءُ
مالي سواك يعيد روحي بعد ما
أودت بها من ضعفها الأدواءُ
أنت السميع وإن خبت أصواتنا
وتكانفتنا بالردى اللأواءُ
أنت البصير بحالنا وقد استوى
في علمك الإعلان والإخفاءُ
أنت العليم بما اعترانا بعدما
جارت علينا أنفس رعناءُ
فاقبل عباداً غرهم طول الرجا
وثناهم التسويفُ والإبطاءُ
يا ظاهراً فوق البرايا ملكُهُ
كونٌ عظيمٌ ماله استقصاءُ
هبنا من الآمال فوق رجائنا
وامنن بفضلٍ فالقلوب خواءُ
يا عدلُ خذ من ضعفنا بحقوقنا
مالت علينا بالردى الأهواءُ
واقبل وأنت البرُ نزرَ عطائنا
جئناك ملء نفوسنا استحياءُ
جئناك في زمر البرايا واحدا
وخطى الجموع تقربٌ و ثناءُ
فوسعتنا يا ذا الجلال برحمة
لما تزل تهمي بها الأرجاءُ
فاستوجبت حمداً عظيماً عنده
يعنو المدى وتسبح الأشياءُ
أنت المقدم والمؤخر مالنا
في أمرنا حكمٌ ولا إمضاءُ
إن شئت فزنا بالتزلف والرضا
أو شئت فالإبعادُ والإقصاءُ
يا حي ماتت في الحياة قلوبنا
لا يستوي الأموات والأحياءُ
فابعث لها من فيض فضلك منهلاً
قد يسترد حياتها الإرواءُ
يجري بنور منك قد صُعقت به
لما تجلى قمةٌ شماءُ
أنت الولي ونحن هلكى فاحمنا
وتولنا فرياحنا هوجاءُ
عبثت بنا فتشتت آراؤنا
وطغى علينا التيهُ والإزراءُ
أنت الرؤوف البر ما من تائب
إلا له في عفوك استثناءُ
يا من له فوق البرايا حكمة
قد تاه عن إدراكها الحكماءُ
يا من أحاط بكل شيء علمه
جأرت إليك بصائرٌ عمياءُ
فابسط لها الرحمات واجبر كسرها
جد يا مليك فعندك الآلاءٌ
ماذا نقول إلهنا لنواظرٍ
يسمو بها نحو السماء رجاءُ
ترجو صبوراً حلمه أملى لها
حتى طوتها اللجة الهوجاءُ
فجثت على باب الكبير كسيرة
تحنو عليها أدمع خرساءُ
ومناطق قد أغفلت رقباءها
وتجاهلت ما دوّن الرقباءُ
فإذا بها والموت يطوي قيدها
والعيُّ يلجمها والاستحياءُ
فتسوق في كنف الشهيد رجاءها
فتفوز بالرحمات حين يشاءُ
مولاي حبك فاق قدرة خافقي
وأبى عليّ النظمُ والإنشاءُ
قالا قلوب المذنبين تحفها
من هول ما تأتي به الظلماءُ
قالا مقام الحب في فلك الهدى
والمهتدون صدورهم بيضاءُ
وشموسهم آفاقها لا تنتهي
من نورها يستلهم الشعراءُ
فطويت في خجل فؤاداً راجياً    
في دعوة لهجت بها الأرجاءُ
 ودفنت وجهاً بائساً في سجدة
فاقبل محباً كله أخطاءُ

الجمعة، 6 يوليو 2012

ندى



ندى
في مساء ما لبشراه مدى   أخذت منه الأماني موعدا
وتنحى البدر عن عليائه  مطرقاً كيما يعيش المشهدا
دقت الدنيا طبول البشر إذ   أشرقت فيها على شوق ندى
فاستوت بدراً تناهى حسنه  ثم صاغت من سناها فرقدا
ساقها ذو الجود لي في طالع  نيِّرٍ باليمن والبشرى غدا
فابتنت في عمق روحي منزلاً   ثم مدت لي إلى العليا يدا
أفتدي السحر الذي انقاد لها    مقلة وسنى وشعراً أسودا
مذ رآها الحسن عادت روحه   من يباب الأمس عَوداً أحمدا
طفلة للنور في طلعتها      قبسات تقتفي درب الهدى
تطرب الأوتار من ضحكتها   وعلى ترنيمها يغفو المدى
و يضوع العطر من أنفاسها  ثم يمضي في النواحي سرمدا
كوكب تشدو الأماني حوله إن بدا في أي أفق أسعدا
عانقت قلبي وتُيمت بها    منذ أن حيّا الأزاهير الندى
منذ أن طاف السنا منتظراً  آذنَ الفجر ومرسال المدى
وانحنى الطير على قيثاره     يرقص الأنسام من رجع الصدى
يا لأنس زارني في طيفها   ناصباً لي في الأعالي مقعدا
منذ هلت أثلجت صدري رضا   أسرجت لي ناظريها موقدا
كلما ما عم الدجى أشعلته   فاحتوى النورُ الفؤادَ المسهدا
ثم شبّت نبتة ميمونة  أخذت من كل مجد موعدا
أينعت والبشر معقود بها   أين راح البشر أو أين اغتدى
في رحاب الطهر تخطو حلوة  تستبي الإلهام من حيث ابتدا
جمعت من كل روض طيبه وابتنت في كل أرض مسجدا
أشعل الإيمان فيها همة   فأدارت للنجاح  المقودا
ومضت والعز في خطوتها   ترتجي في كل خير موردا
بغدي أفدي فؤاداً يافعاً   للمعاني الغر  أضحى معبدا
أبرق الحسن على واحاته     وعلى مزن صباه أرعدا
رب هبها فوق ما قد ترتجي   و احبها يا رب عيشاً أرغدا
و اهدني للشكر إني كلما  عُدّت النعماء لاحت لي ندى