بين الخوف والرجاء
قل كلما ضاقت بك الأمداءُ
واستنكرت ظلماءك الظلماءُ
وتلعثمت بالحرف كلُ قصيدةٍ
وقست على أناتك الأصداءُ
يا رب أدركني بعاجل رحمةٍ
لا حول لي فعزيمتي أشلاءُ
مالي سواك يعيد روحي بعد ما
أودت بها من ضعفها الأدواءُ
أنت السميع وإن خبت أصواتنا
وتكانفتنا بالردى اللأواءُ
أنت البصير بحالنا وقد استوى
في علمك الإعلان والإخفاءُ
أنت العليم بما اعترانا بعدما
جارت علينا أنفس رعناءُ
فاقبل عباداً غرهم طول الرجا
وثناهم التسويفُ والإبطاءُ
يا ظاهراً فوق البرايا ملكُهُ
كونٌ عظيمٌ ماله استقصاءُ
هبنا من الآمال فوق رجائنا
وامنن بفضلٍ فالقلوب خواءُ
يا عدلُ خذ من ضعفنا بحقوقنا
مالت علينا بالردى الأهواءُ
واقبل وأنت البرُ نزرَ عطائنا
جئناك ملء نفوسنا استحياءُ
جئناك في زمر البرايا واحدا
وخطى الجموع تقربٌ و ثناءُ
فوسعتنا يا ذا الجلال برحمة
لما تزل تهمي بها الأرجاءُ
فاستوجبت حمداً عظيماً عنده
يعنو المدى وتسبح الأشياءُ
أنت المقدم والمؤخر مالنا
في أمرنا حكمٌ ولا إمضاءُ
إن شئت فزنا بالتزلف والرضا
أو شئت فالإبعادُ والإقصاءُ
يا حي ماتت في الحياة قلوبنا
لا يستوي الأموات والأحياءُ
فابعث لها من فيض فضلك منهلاً
قد يسترد حياتها الإرواءُ
يجري بنور منك قد صُعقت به
لما تجلى قمةٌ شماءُ
أنت الولي ونحن هلكى فاحمنا
وتولنا فرياحنا هوجاءُ
عبثت بنا فتشتت آراؤنا
وطغى علينا التيهُ والإزراءُ
أنت الرؤوف البر ما من تائب
إلا له في عفوك استثناءُ
يا من له فوق البرايا حكمة
قد تاه عن إدراكها الحكماءُ
يا من أحاط بكل شيء علمه
جأرت إليك بصائرٌ عمياءُ
فابسط لها الرحمات واجبر كسرها
جد يا مليك فعندك الآلاءٌ
ماذا نقول إلهنا لنواظرٍ
يسمو بها نحو السماء رجاءُ
ترجو صبوراً حلمه أملى لها
حتى طوتها اللجة الهوجاءُ
فجثت على باب الكبير كسيرة
تحنو عليها أدمع خرساءُ
ومناطق قد أغفلت رقباءها
وتجاهلت ما دوّن الرقباءُ
فإذا بها والموت يطوي قيدها
والعيُّ يلجمها والاستحياءُ
فتسوق في كنف الشهيد رجاءها
فتفوز بالرحمات حين يشاءُ
مولاي حبك فاق قدرة خافقي
وأبى عليّ النظمُ والإنشاءُ
قالا قلوب المذنبين تحفها
من هول ما تأتي به الظلماءُ
قالا مقام الحب في فلك الهدى
والمهتدون صدورهم بيضاءُ
وشموسهم آفاقها لا تنتهي
من نورها يستلهم الشعراءُ
فطويت في خجل فؤاداً راجياً
في دعوة لهجت بها الأرجاءُ
ودفنت وجهاً بائساً في سجدة
فاقبل محباً كله أخطاءُ