الأحد، 22 ديسمبر 2013

ليل ....  ولا أحلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
طواني الليل يا أمي فأين حدائق الأحلام ؟
و ما السر الذي تخفيه بنت الغيم عند أميرها المسحور ؟
أما حدثتني عن قصرها العالي     
و أزهار من البلور تغفو في حديقته
وعن أطواق فلٍ فوق شرفته تعانق غيمة بيضاءْ          
لتنثر في يدي القبلات لما تخفت الأضواءْ  
وقلت بأنهم يبقون باب الليل مفتوحاً
لتحملني لهم أرجوحة الأوتار حين أنامْ !

حكيتِ عن النعيم على ربى الفردوس عن مفتاحه المفقودْ
غمزتِ يدي لكي أخفيه تحت وسائد العتمة  
أراقبه يجوب خيالي الوسنان أو يرتاح في غيمةْ
ونمتُ أسابق الخطوات نحو نعيمه الموعودْ
وبين يديك طفتُ الأفق عابرةً
 إلى قصرٍ و مرج ورودْ

كبرتُ وقد تشظّى الليل في طاحونة الريحِ  
وتاه الحلم في إعصاره هلعاً  
وباتت وحدتي قصري وأوجاعي أراجيحي
وتهتُ ولم تر الغيمات تحت وسادة الآلام تلويحي  

عرفتُ الخوف يا أمي وفي عينيّ ألفُ صباحْ 
فغال الليل خطوتها وأوقف رقصة الأرواحْ     
وتاهت في خطاه الأمنيات وضاع في طياته المفتاحْ  
تراودها طيور الحلم واجفة ولا تقوى على الإفصاحْ

لماذا حين يملؤني سوادي تجفل الأحلامْ ؟
تسافر فيّ أعماري وتكسر هدأتي الأرقامْ     
إذا ما طاف من حولي لكل هزيمة ساعِ             
إذا اصطفتْ على جنبيّ أوجاعي 
لتعزف في أتون الصحو إيقاعي    
لماذا عندما احتاجها بالذات تهجرني
فلا صحوٌ ولا أحلام        

رجوت الليل يمنحني ولو طيفاً من الذكرى
فقد غادرتُ أحلامي على تنهيدة سكرى  
فكل رؤاي هاربة وكل طلاسمي أسرى
و ضاع رجاء آمالي على دوامة الفجرِ  
وذابت تحت وهج الصحو فيها شمعة العمرِ    
وظلت تمتمات الأمس بين دفاتري سرا  

غريب كيف غابت في دواري ردهة الأحلامْ
وكيف اعتدتُ ليلي دون قصر مشرع الشرفاتْ     
ودون ظلالِ أطيافٍ ودون حنين أغنيّاتْ
ودون شعاع أمنيةٍ تبدد زرقة الأمواتْ  
وكيف نسيتُ مفتاح المدى في زحمة الأيامْ
وأغرب منه أني قد نسيتُ الآن .... كيف أنام ؟
  

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013

يا ... آه

                                   

يا ..... آه



يا آهُ يا حمماً تشظّى في مدىً يتوجعُ


يا لجة من مبهمات بالصدى تتلفعُ


يا جذوة لأوارها موج ترامى في دمي


أقصيتها عني فأقصاني لظاها عن فمي


خبأتها عن كبريائي فاستباحت أعظمي


وأتت على روح على ما عاث فيها لم تزل تتمنعُ



ما أنت في وجع الهزيمة بين أشلاء النعيم


في نغمة مكسورة في روع تمثال قديم


قد خربشت وجه السكون ولونت صوت السديم


يا ..آه من أغراك بي


كي تلفظيني في أثيري المتعب


كي تملئي بجحيمك المقتات مني كوكبي


من أين جئت بكل هذا العنفوان وأنت ترعين الهشيم



يا آه هل طفتِ الجهات الأربعا


جردتِ من كل ارتداد للأسى فيها لقلبي مبضعا


قسمتِني ما بينها ثم انصهرتِ لكي تذيبيني وأوجاعي معا


هل زرتِ يا مجنونة الإيلام أصقاع الضجرْ


عاينتِ حشرجة الحروف على تجاويف الوترْ


أم هل سكنتِ بأضلع العصفور يقصفها المطرْ


ثم احتضرتِ على فمي


وتصاعدتْ أرواحك السبعون مني في احتفال مبهمِ


تحت اصطخاب الدمع خلف تهدج الخيبات في رجف الحنين المستعر



أوّاهُ يا آهُ التي ما أشفقتْ يوماً علي


بل سعرتْ لي فوهة ترمي براكيني إلي


جاشتْ لتنحت من ضلوعي مدية نشوانة تلهو على جرحي الندي


تهدي رفاة الصبر أحضان الحريق


تعدو مع اللهب المعرِّش فيه والهم الطليق


فيسلّم السر المكتم فيّ للبوح الحيي



يا آه قد أودعتُ كفك ما تبقى في كياني من رمق


فتركتِه يلتاث ظمآناً ويجترع الغرق


وعصرتِه قطرات وجد بين طيات الأرق


تتراقصين على الهموم الراتعة


وتهدهدين الثورة العمياء خلف الهمهمات الوادعة


تتلاعبين بذكريات من رماد في فؤاد من ورق

السبت، 23 نوفمبر 2013

بلقع

بلقع
ــــــــــــ
سألتْني : ما معنى بلقع ؟
عرضَتْ في درس الإنشاء مفسرة لكن لم أقنعْ
فالكلمة واسعة جداً وإهابي في اللغة مرقعْ
سكتت ترقبني حتى أفتح أرشيفي
وأحير جواباً يقنعها من ذاكرتي أو تأليفي
وأنا أفكارٌ تترامى وشتات خواء لا يُجمعْ

قلت : البلقع يا سائلتي ؛ قلب غادره الأحبابُ
كان لهم وطنا فأقاموا ثم اصطحبوا النبض وغابوا
فصحا تصطك مواجعه ويهمهم فيه الأغرابُ
وارتعشت في فمه الذكرى
تترنح ذاهلة سكرى
والأنة تقتلها الأخرى
وفراغٌ في حجم الدنيا وبقايا آمال تنزعْ

والبلقع عين جافاها الدمع وملت منها الصورُ
لم يطرق ليل متاهتها الخاوي لا النوم ولا السهرُ
سقطت فيها الشمس تباري شفقاً بالغربة يأتزرُ
طار النورس عن شاطئها وانكسرت أمواج الشجنِ
هاجر عنها لون الفجر ليغفو فوق بقايا السفنِ
لم يبق بمرساها إلا أملٌ مهزوم يتسكعْ

والبلقع حلم وردي يقبع خلف جدار الدنيا
في جعبته رحلة عمر صار مع الغربة منسيا
في عينيه ربيع واهٍ تسحقه الخيبة يوميا
جنته الفيحاء رماد منثور في كف اليأس
غده أشلاء متاهات تتشقق  في وجه الأمس
يتراقص فوق الأحزان ويخبو تحت رذاذ اليأس
أقسى البلقع يا سائلتي حلم يحلم أن يتصدعْ

والبلقع صدر تحرقه آهٌ لا يرتد صداها
فتطوف الأشجانَ تنادي ألماً يتقاسم شكواها  
وتعود إليه وما معها غير تراتيل زواياها
ترمقه قوساً مجروحاً تتلوى فيه الأوتار
تذوي الآمال بوحشته تتلعثم فيه الأشعار
يرميها كرة من لهب فتعود جحيما يتضرع

والبلقع يا أنتِ فضاءٌ خاوٍ تجفوه نواحيه
 وخريفٌ يمتد فصولاً وشتاء الفقد يناديه
هو نبضٌ ريان يذوي لا نهتمُ لمن نهديه
هو ليلٌ كالموت مسجّى أبداً لم يطرقه صباح
يعتمر البرد مفاصله تتململ فيه الأرواح
وهو يدٌ لم تخفق يوماً من نظرة عين تهواها
قدمٌ لم تتعثر شوقاً لم تسبق للحلم خطاها
ذاك البلقع يا سائلتي ، هل وافى الكلمة معناها ؟
قالت والحيرة تغرقها : صارت أوسع ! صارت أوسع !!

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

صبراً ... دماج




صبراً .... دمّاج

ــــــــــــــــــــــــ

من سوف يدفع للزمار أجرته ** ومن سيندب يا دماج قتلاكِ

وما اعتذار دعاة العدل إن سئلوا**عن أذرع الظلم تلهو في زواياكِ
 عن رجفة الأرض تحت القهر رازحة**عن صفرة الموت إذ تغشى محياكِ

من للدماء على كفيك فاترة ** تخط فوق أديم العجز ذكراكِ

تراك قررت أن تمضي بلا صخب ** وقرر الصمت أن يرعى ضحاياكِ

فلا يرف له جفن على جدث ** ولا يئن له قلب على شاكِ

دماج من لحصاة الدين تشطرها ** أيد تعيش على هدم وإهلاكِ

أيد لها في شقوق الكيد همهمة ** تغتال خضراءك الثكلى وتنعاكِ

تبوأت ساحة الإسلام معتركاً ** ومزقته على وعي وإدراكِ

وحطمت باسمه دوراً وأفئدة ** وما تجرع كأس الغدر إلاكِ

دماج إن حبال الضيم واهية ** وسوف يحمد صبح النصر مسراكِ

تسربلي بسلاح الصبر وابتهلي ** حتى يقدر ربي كشف بلواكِ

ونحن أشلاء قلب واجف رفعت ** لله بالدمع في الأسحار شكواكِ

ندعو وجرحك نار في محاجرنا ** والله يعلم ما تخفيه عيناكِ

يا رب حسب ربى دماج ما ثكلت ** متى يقول لها الإصباح بشراكِ

هل من سحائب خير في سماء غد ** رحماك يا سنوات الجدب رحماكِ 

يارب تلك جراح الشام نازفة ** وللعراق لسان بالأسى حاكِ

كياننا يا إله الكون ملحمة ** بالكاف والنون غيِّرْ وجهه الباكي 

دماج لا تيأسي مهما ألمتِ فقد ** دعوت رباً كريماً ليس ينساكِ

الأحد، 3 نوفمبر 2013

همسات لحظة

 همسات لحظة
للفجر في ثغر الدجى أشجان   فالصحو حلم راقص نشوانُ
ألقى رسالته إليّ وهزني      فضممته وعوالمي أحضانُ
نهلت عروقي ريه فتلاطمتْ    وعلى رؤاي ترامت الشطآنُ
حتى كأن الكون غير وجهه   وتنكرت لجمودها الألوانُ
وتنفست نشر الخمائل قهوتي  ونما خلال صحيفتي الريحانُ
سافرت في أنسي فروحي كوثر  متدفق وأريكتي بستانُ
وستائري آفاق حلم شاسع   رقصت على أفيائه الأوزانُ
والحرف نهر والمعاني جنة  والنظم في أفنانها وسنانُ   
وكأن أوراقي وجوه أحبتي    ينهلُّ من قسماتها الإيمان
وافيتها في غفلة من ديدني  فزكت فضاءات وسُر زمان
وتفتق  الفجر الملون في دمي  وهوت سدود وانثنت جدران  
ما كنت أدري أنه قد كان لي  في نظم أبيات الهوى أشجان
أو أن لي قلباً يدق وأنني   يرتاح بين جوانحي إنسان
سأذيب حزني عن عقارب ساعتي  ولقد يعاود أرضيَ الدوران 
سأعيد ترتيب الدفاتر كلها فالعمر شاد مورق هيمان
وعلى رفوف الذكريات قصائد  سأهزها فيغرد الصوان   
ولقد أدندن أمنيات دسها في مقلتيّ نزار أو جبران   

ليطير قلبي في حدائق لحظتي  ويحط حيث يقرر الهذيان

السبت، 12 أكتوبر 2013

                               مساؤك الجميل يا دبي
مساؤك الجميل يا دبي
أحاطني بكل ما قرأت من قصائد الغرام
بكل ما أشجى به نوافذي اليمام
بكل همسة تجاهل الهوى في ثغرها اللغات  
وبثها الحنين بين الصحو والسبات 
عن جنة في الأرض لا تنام
عن روعة باذخة عن حلم ثري

مساؤك الرقيق يا دبي
يغمرني بوابل الدلال
يسحرني بقبلة الحب على جبين البحر والرمال
يطير بي بخفة كلاعب الحبال
إذ يجعل الخيال ينحني لسورة الخيال
إذ يجمع الرؤوس حول كرة وشال
يعبرني مساؤك الرقيق ينثر الهبات في يدي

مساؤكِ المعطر الأنيق في أزيائه البهيةْ
يراقص الجمال والإلهام والحريةْ
تموج فيه صورة لهمة شماء في سواعدٍ فتيةْ
لقادمٍ متيّمٍ وحاضرٍ بهيّْ

دبي يا وادعةً في راحة الغروبْ      
أنيقةً رقيقةً كنجمةٍ طروبْ 
عيناك والمساءُ في شطآنها حكايةْ   
والحب سِفرٌ فيه ألفُ آيةٍ وآيةْ
تبث نطفة الهيام خفقة البدايةْ    

فألفُ ألفُ قبلةٍ لقلبك النديْ

الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

كتبتها وألقيتها في ملتقى المعلمات 2012 حيث جُعل عاماً للمعلم فهنأتها به وهنأته بها :
لكِ .. يا معلمة الخير
قبس العلا مما بنته يداكِ     وتربع الإلهام  فوق رباكِ
ترك الحيا وجه البسيطة كلها    متعطشاً وانصب في يمناكِ
والنور هش إليك من ميلاده     متسربلاً بعض الذي أهداكِ
فلقد حباك الله من أفضاله      من مكرمات المجد فوق مناكِ
        هذا المساء  أتاك يحمل وردة      وقصيدة مفتونة بهواكِ
ودفاترا قد دونت بمداده      و خواطرا نُقشت على مسراكِ
فلكم أضأت الفكر دون سواده    ولكم ملأت عيونه برؤاكِ
وكم استرقت الحلم من أحشائه   وغدوت نحو مدارج الأفلاكِ
وحملت همَّ العلم في قلب حوى     من رقة الإحساس  ما أضناكِ
أما الصباحُ فقد تجمهر حسنه      في لحظة الإشراق كي يرعاكِ
أهداك من بركاته نور الهدى  فتوقدت من فيضه عيناكِ
و سقيته للناشئات فضائلاً   فتشربت أهواؤهن هواكِ
وطرقت أبواب العقول بهمة   وهززت غصن الفهم والإدراكِ
ورفعت للفكر الشريف منابراً    ما كان يحسن رفعها إلاكِ
ماذا تقول لك الملائكُ غدوة  لما على دربِ الهدى تلقاكِ
ولباسك الشرفُ الرفيعُ مكللاً   وسحائب الآمال فوق سَماكِ
والخير معقود بموكبك الذي    هالاته بشرٌ على مرآكِ
تسعين في دأب وذكرك سائر  في موكب العباد والنساكِ
يا جنة نشرت على وجه المدى  طيباً يعتقه الشموخ الحاكي
رفعت لك الآداب كف تحية    وكذا الفضائل باركت مسعاكِ
وأتاك فوج المكرمات مهنئاً     لما تهادت نحوه قدماكِ
عيشي الحبور ودندني لحن الرضا   فالعام عامك والعلا مرماكِ
تاج الخلود على جبينك مشرق واليمن يزهو في ربوع رضاكِ
يا درة لم يخب يوماً حسنها     أعطاك ربك فاشكري مولاكِ
ثم انثني بالشكر موفوراً لمن    شيدت من أفضاله مبناكِ
ملك القلوب وقائد الدرب الذي   ما غاب عن إحسانه مسعاكِ
فحباك عرفاناً جمعت بفضله    عز الحياة فأشرقت دنياكِ
وعلى كفاحك كم ترفق والداً     بهباته الغراء قد غطاكِ
فشربت كأس العشق من وطن الهدى  وسقيته النشء الذي استرعاكِ
فمضى يزف إليه أوسمة العلا يبني له شرفاً بكل سِماكِ
ومضيت لا تترقبين سوى غد   يُهدي له بعض الذي أهداكِ
بوركت للوطن الحبيب وبوركت   أبداً على نهج الصلاح خطاكِ

حان الحصاد أيا كريمة  فاهنئي   فالبذل زرعك والوفاء جناكِ

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

قالت المدينة :

قالت المدينة :
أمَضى زماني أم كبا جَدي    أم تاه عن أفلاكه مجدي
فأشاح عني العز معتنقاً     عهداً سقاه الله من عهد
متناسيا آماد حظوته      إذ كان محمولا على زندي
وبنتْ لي الأيام صومعة     فبمن على الأيام أستعدي
مسكينة والعز يسكنني   ظمآنة والنور من وِردي
منسية والفتح ذاكرتي  وعلى يدي منظومة الخلد
والفضل مسكوب بأوديتي   يمناً وشطر الخير لي وحدي
وخطى الحبيب سحائب عرجت  وتناثرت برَداً على ومْدي
ماذا عسى الأيام تمنحني   لا شيء بعد فراقه يجدي
رغم الذين طويت غربتهم   وسلوت في أكنافهم جهدي
وعكفت للتاريخ أكتبه      بالزُهر من عمروٍ ومن زيد
وبكل محمود فرشت له   حتى ينام على الذرى خدي
حتى قضى وله على شفتي  ذكرٌ يطيب وسيرةٌ تهدي
فضممته وسقيت تربته   ونفحته دون الورى حمدي
لي في الأنام بصيرة حكمت    بالقرب أو بالنبذ والطرد
فأصخ لراوي الدهر إن له علماً بوقع حوافر المجد
أُقصِيت ما اجترحتْ يدي لمماً   كلا ولا أحدثتُ ما يندي
واحترت حاضرة مغيبة   في زهدكم في كل ما عندي
تأتون بالآداب لي وأنا   سِفرٌ به الآداب تستهدي
وأنا مداد الحرف تنقشني  أهدابه في النظم والسرد
وترونني جرداء خاوية       إلا من النعناع والورد
حقي احتياز السعدِ أجمعِه   بدءاً ففيم يؤودكم سعدي
قد كنت فوق الكون منزلة    فغدوت دون الأخذ والرد
بي حسرة لا صوت يحملها  والكبرياء تهزني ردي
ما ضرني والصبر لي مدد   أشتاره من ذلك اللحد
مهما تعامى المجد عن شرفي   وعدت عليّ غوائل الصد
فلسوف يأرز لي على عِدة  هيهات يلقى مأرزاً بعدي


السبت، 31 أغسطس 2013

                             لو تكلم الخوف !!  
لو سئل الخوف أيعرفني
لتكلم مختالاً عني
وأقرّ بأن ملامحه قد أخذت صورتها مني   
وتفنن في تصوير تفاصيلي وحكايا آلامي
ولقال هي الوجه الثاني مني هي جذوة إلهامي
أعرفها منذ أتت للكون مع الأحزان  
وأنا للمهد الواهي الغض فم ويدان 

لو سئل أقاسمني لهوي دون الأطفال            
لافتتح دفاتر ذاكرتي واتكأ وقال :       
كم كنت أنام على خصلات ظفائرها
أنثر أحلامي في طيات خواطرها
 وقبعت لها خلف الأبواب
في الظل وطيات الأعتاب
وظللت أقاسمها الحلوى
وأمد ظلالي كي تتعثر بالشكوى
كي أجعل ذاك القلب لأشباحي مأوى

كم كنت ألوّن صبح براءتها بالموت   
أطفو في كل خيال أو طيف أو صوت
أشحذ سكيني فوق أناملها الزرقاء
أنثر أحداقاً ومرايا  ترمقها من كل الأنحاء
لكم اندسيت لعينيها في ثوب الليل
وكم ارتحت على جفنيها أنذر بالويل
وتقمصت الأرواح لها خلف الطرقات
وتراقصت على شرفتها مرتديا أطياف الأموات
وضحكت كثيرا من رعشة شفتيها في نبض الكلمات

أتذكر كم عبئت كؤوسي من دمها
وسكبت رؤاي على فمها
صفقت لألحاني وصداها يملأ كل عوالمها
وسكنت سنين أمانيها           
من غدها حتى ماضيها
 أحكمت عليها أصفادي
تابعت تلاوة أورادي
ودققت لها من حيث اتجهت أودتادي

 كم كنت أراها خلف قناع الزيف تصارع بشجاعة
لتصد سهامي عن قلبٍ في الظل يداري أوجاعه
يعصيني ثانية ويواليني ساعة  
أعرفها مذ صحبتني في أسمال اليتم
مذ ظنت أن تنفسها في الدنيا جرم
منذ أقامت دنيانا أعياداً تحيي ميلاد الظلم