السبت، 23 نوفمبر 2013

بلقع

بلقع
ــــــــــــ
سألتْني : ما معنى بلقع ؟
عرضَتْ في درس الإنشاء مفسرة لكن لم أقنعْ
فالكلمة واسعة جداً وإهابي في اللغة مرقعْ
سكتت ترقبني حتى أفتح أرشيفي
وأحير جواباً يقنعها من ذاكرتي أو تأليفي
وأنا أفكارٌ تترامى وشتات خواء لا يُجمعْ

قلت : البلقع يا سائلتي ؛ قلب غادره الأحبابُ
كان لهم وطنا فأقاموا ثم اصطحبوا النبض وغابوا
فصحا تصطك مواجعه ويهمهم فيه الأغرابُ
وارتعشت في فمه الذكرى
تترنح ذاهلة سكرى
والأنة تقتلها الأخرى
وفراغٌ في حجم الدنيا وبقايا آمال تنزعْ

والبلقع عين جافاها الدمع وملت منها الصورُ
لم يطرق ليل متاهتها الخاوي لا النوم ولا السهرُ
سقطت فيها الشمس تباري شفقاً بالغربة يأتزرُ
طار النورس عن شاطئها وانكسرت أمواج الشجنِ
هاجر عنها لون الفجر ليغفو فوق بقايا السفنِ
لم يبق بمرساها إلا أملٌ مهزوم يتسكعْ

والبلقع حلم وردي يقبع خلف جدار الدنيا
في جعبته رحلة عمر صار مع الغربة منسيا
في عينيه ربيع واهٍ تسحقه الخيبة يوميا
جنته الفيحاء رماد منثور في كف اليأس
غده أشلاء متاهات تتشقق  في وجه الأمس
يتراقص فوق الأحزان ويخبو تحت رذاذ اليأس
أقسى البلقع يا سائلتي حلم يحلم أن يتصدعْ

والبلقع صدر تحرقه آهٌ لا يرتد صداها
فتطوف الأشجانَ تنادي ألماً يتقاسم شكواها  
وتعود إليه وما معها غير تراتيل زواياها
ترمقه قوساً مجروحاً تتلوى فيه الأوتار
تذوي الآمال بوحشته تتلعثم فيه الأشعار
يرميها كرة من لهب فتعود جحيما يتضرع

والبلقع يا أنتِ فضاءٌ خاوٍ تجفوه نواحيه
 وخريفٌ يمتد فصولاً وشتاء الفقد يناديه
هو نبضٌ ريان يذوي لا نهتمُ لمن نهديه
هو ليلٌ كالموت مسجّى أبداً لم يطرقه صباح
يعتمر البرد مفاصله تتململ فيه الأرواح
وهو يدٌ لم تخفق يوماً من نظرة عين تهواها
قدمٌ لم تتعثر شوقاً لم تسبق للحلم خطاها
ذاك البلقع يا سائلتي ، هل وافى الكلمة معناها ؟
قالت والحيرة تغرقها : صارت أوسع ! صارت أوسع !!

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

صبراً ... دماج




صبراً .... دمّاج

ــــــــــــــــــــــــ

من سوف يدفع للزمار أجرته ** ومن سيندب يا دماج قتلاكِ

وما اعتذار دعاة العدل إن سئلوا**عن أذرع الظلم تلهو في زواياكِ
 عن رجفة الأرض تحت القهر رازحة**عن صفرة الموت إذ تغشى محياكِ

من للدماء على كفيك فاترة ** تخط فوق أديم العجز ذكراكِ

تراك قررت أن تمضي بلا صخب ** وقرر الصمت أن يرعى ضحاياكِ

فلا يرف له جفن على جدث ** ولا يئن له قلب على شاكِ

دماج من لحصاة الدين تشطرها ** أيد تعيش على هدم وإهلاكِ

أيد لها في شقوق الكيد همهمة ** تغتال خضراءك الثكلى وتنعاكِ

تبوأت ساحة الإسلام معتركاً ** ومزقته على وعي وإدراكِ

وحطمت باسمه دوراً وأفئدة ** وما تجرع كأس الغدر إلاكِ

دماج إن حبال الضيم واهية ** وسوف يحمد صبح النصر مسراكِ

تسربلي بسلاح الصبر وابتهلي ** حتى يقدر ربي كشف بلواكِ

ونحن أشلاء قلب واجف رفعت ** لله بالدمع في الأسحار شكواكِ

ندعو وجرحك نار في محاجرنا ** والله يعلم ما تخفيه عيناكِ

يا رب حسب ربى دماج ما ثكلت ** متى يقول لها الإصباح بشراكِ

هل من سحائب خير في سماء غد ** رحماك يا سنوات الجدب رحماكِ 

يارب تلك جراح الشام نازفة ** وللعراق لسان بالأسى حاكِ

كياننا يا إله الكون ملحمة ** بالكاف والنون غيِّرْ وجهه الباكي 

دماج لا تيأسي مهما ألمتِ فقد ** دعوت رباً كريماً ليس ينساكِ

الأحد، 3 نوفمبر 2013

همسات لحظة

 همسات لحظة
للفجر في ثغر الدجى أشجان   فالصحو حلم راقص نشوانُ
ألقى رسالته إليّ وهزني      فضممته وعوالمي أحضانُ
نهلت عروقي ريه فتلاطمتْ    وعلى رؤاي ترامت الشطآنُ
حتى كأن الكون غير وجهه   وتنكرت لجمودها الألوانُ
وتنفست نشر الخمائل قهوتي  ونما خلال صحيفتي الريحانُ
سافرت في أنسي فروحي كوثر  متدفق وأريكتي بستانُ
وستائري آفاق حلم شاسع   رقصت على أفيائه الأوزانُ
والحرف نهر والمعاني جنة  والنظم في أفنانها وسنانُ   
وكأن أوراقي وجوه أحبتي    ينهلُّ من قسماتها الإيمان
وافيتها في غفلة من ديدني  فزكت فضاءات وسُر زمان
وتفتق  الفجر الملون في دمي  وهوت سدود وانثنت جدران  
ما كنت أدري أنه قد كان لي  في نظم أبيات الهوى أشجان
أو أن لي قلباً يدق وأنني   يرتاح بين جوانحي إنسان
سأذيب حزني عن عقارب ساعتي  ولقد يعاود أرضيَ الدوران 
سأعيد ترتيب الدفاتر كلها فالعمر شاد مورق هيمان
وعلى رفوف الذكريات قصائد  سأهزها فيغرد الصوان   
ولقد أدندن أمنيات دسها في مقلتيّ نزار أو جبران   

ليطير قلبي في حدائق لحظتي  ويحط حيث يقرر الهذيان