الجمعة، 24 يناير 2014

ومضى قطار الحظ



ومضى قطار الحظ !!



لم يكن من حائلٍ بيني وبين الحظ إلا خطوتين

هل تأخرت على موعده أم أنني أغفلت فرق الوقت بين العالمين ؟

هل غفت عيني على خط انتظاري ؟

هل تخطاني قطاري ؟

كيف ضاعت فرصة العمر أمامي هكذا في لحظتين ؟!



فاتت الرحلة حقاً ؟ يا لملهاة الظنون !

كان تخطيطي امتثالاً لافتراضات الجنون ؟!

وانتظاري كذبة قد دسها إبريل في عمر السكون ؟!

فاتت الرحلة رغماً عن تعاويذ العزيمة

رغم كل الأمنيات البيض والروح العظيمة

يا لجهلي ! طاف بي من كل أفق طائف إلا الهزيمة



كنت قد هيأت نفسي للذهابْ

وارتديت الشوق واستحضرت بعضاً من تغاريد الشبابْ

وغمست القلب في مسحوق تجميل لتجديد الرغابْ

كنت قد أعددت نفسي جيداً للموعدِ

ونحرت الحاضر المأزوم و الماضي على سفح الغدِ

كنت قد قررت أن أنسى رزايا مولدي

فأمامي جنة للخلد فيها ألف بابْ



آه ما أعجزني ! هل يُنذر العمرُ لرحلة ؟

واردٌ إلغاؤها كالنبض في أية وهلة

كيف قادتني إليها فلسفاتي ذات غفلة

فانتهت بي للبدايات الشريدة

للمتاهات التي آوت أمانيّ البليدة

والتي عاثت بقلبٍ كاد يستوفي رصيده

فتشظى بين ماض قد قضى في كف وهمٍ وغدٍ يكره ظله



ها أنا وحدي على أرصفة الفوت أعاني

لم اعد أذكر من قد باعني تلك الأماني

لم أعد أذكر مني غير ظل باهت الآفاق مجهدْ

عاد بي للصحو مكسوراً بقلبٍ باردٍ من قال إن العود أحمدْ ؟

عاد يجتر التعازي هاهنا من جسد الحلم الممددْ

عاد لما مله التهويم لما أعلنت خيباته كسب الرهانِ



ها أنا أهذي بحمّى حسرتي في لوم نفسي

آه منها ضيعتني أفرغت من أمنيات العيش كأسي

فوتَتْ رحلة عمرٍ كنت منها قاب قوسِ

كان لا بد لها إذ غامرت أن تشتري كل التذاكرْ

كان لا بد لها أن تحسم الأمر بإغلاق المعابرْ

كان لا بد لكسب الوقت من كسر الأوامرْ

كان لا بد ولكن لم يكنْ

غير وهم غاب في ذهن الزمنْ

عدت كي أصنع تمثالاً له

يقرأ المأساة في ميدان بؤسي


الأربعاء، 8 يناير 2014

رفقاً بالشاعر العربي

رفقاً بالشاعر العربي
الشاعر العربي مهدود القوى    فاقصر عليه ملامة وعتابا
غارت مع العهد المجيد نجومه    وغدت أمانيه الكبار سرابا
ما عاد يجدي بذله لحياته     يتملق الهامات والأذنابا
يحتال للمجد القديم بجهده    إن صادقاً وافاه أو كذابا
فالحظ غافله وغادر عشه    والمجد أغلق دونه الأبوابا
فتراه في سرب الحياة مضيعاً    فقد الرضا واستنفد الأسبابا
وتمزقت بين الهزائم روحه    فبنى لكل هزيمة محرابا
فاتركه يرثي نفسه متخفياً    في الحب أو مستجدياً أحبابا
متظاهرأ أن الهوى مأساته    ليظل عن مأساته يتغابى
أو شافياً خلف الهجاء غليله    أو مادحاً يتلمس الأعقابا
يا شاعر الزمن المهيض جناحه    لملم حروفك إن أردت صواباً
واسأل جرير لو استطعت فظنه    في ذلك الزمن المبجل خابا
ماذا سيكتب لو رأى أقلامنا    تهدي لنا فوق المصاب مصابا

الاثنين، 6 يناير 2014

                                  وجئت ... يا هشام

في موعد للصمت والكلامْ
والدهشة المفتوحة الأحضان للغمامْ
والفرحة الممتدة الأفنان والجذورِ
ونشوة الدموع في محاجر الصدورِ
و سجدة الآمال في مهابة الحضورِ  
أتيت يا هشامْ

أتيت ميلاداً لوعدٍ أنجب القصيدةْ
وزفها للحب للجنون للخيال للمرافئ السعيدةْ   
حيث احتفالات الرضا بشهقة البدايةْ   
قد أرسلت أحداقها واستلهمت عشاقها وعانقت بلهفة أوراقها   
فغردت للبوح فيها ألف ألف غايةْ

قد جئت يا هشامْ
كأمك الصغيرة الشبيهة الغمامْ
لا فرق إلا حلم عشرين ونصف عامْ
يعانق المدينة الزهراء في إيقاعها الوديعْ  
وصمتها المنيعْ
وأغنيات الحب في فؤادها المطيعْ

أهديتها أنفاسك الأولى قبيل التاسعة    
مغزولة بالنور تستهدي الرحاب الخاشعة  
حين استعد النخل للهجوعِ
وعتّق الورد المديني الندى والعطر للصباح
وقد تلتْ قباء وِردها على الرياحِ
فعانقتك والمنى في راحتيها شاسعة   

وجئت يا هشام
فأطلقت مدينة الأنوار إعلاناً عن الهطول     
واستيقظت لرصد نبض لحظة الوصول    
ومنح قلبك الصغير قبلة وليدة
ونفحة من ذكريات عمرها المجيدة  
وضمة تفوح بالتاريخ من فؤادها البتول

كأنها تذكرت بداية النهار  
وفتية تعاهدوا الفلاح في إهابها الطهورْ    
مدوا لقلب الأرض من أحضانها الجسورْ
وطوقوا الآفاق من فيها بعقد نورْ
تذكرت يوماً دعا لله فيه داعِ
بطلعة البدر على ثنية الوداعِ
يوم استجاب قلبها لأمره المطاعِ  
من يومها تشربت ملامح الكبارْ

أرجوك يا هشامْ
 كن خير ما تكون للمدينة
فقلبها مسهد و روحها حزينة
كن واحداً من الأولي تكانفوا شبابها
وأشعلوا الدنيا بفيض النور من ترابها
كن كعب أو كن زيد أو معاذ أو كن حنظلة  
أو كن هشاما واجعل الآمال فيها مرسلة
إني أرى عينيك آماداً على سِفر الرضا مرتلة
أرى وعود قلبك الصغير بين الرهب والسكينة 

لا تبتئس إن حُكْتُ في أهدابك السَنية
مدينتي الرضية
تلك التي شابهتَها في روعة البريق
في كبرياء صمتها وفي سخاء حسنها ولهفة انتظارها ويمنها العتيق
في نكهة الميلاد في الترفع الأنيق 
فأنتما وجهان للحب الذي لا يعرف الأفولْ
وتنمحي في أفقه ملامح الفصولْ    
والسحر في كليكما مدى وسرمدية
فلتسعدا حتى يكون للهوى والشعر والأشواق في تيه المنى هوية