الجمعة، 13 مارس 2015

وداعاً.. رقيقة الدرب

                                     وداعاً.. رفيقة الدرب
أذعنتِ للداعي كما لم تذعني !
تركتِني غريبة وأبتِ نحو موطني !
حللتِ غيباً سرمدياً مشتهىً         
ولم أزل هنا كما تركتِني    
ما زاد في فوضاي إلا أدمعي      
وصفحة بيضاء فيها ألف باب مشرع    
وبعض قلبٍ ساهمٍ وبعض حبرٍ أرعنِ

في أضلعي جرْسٌ جريحٌ كلما أغفو صحا
يهتز في سجادة تاقت لهمس في الضحى
في دفتر الأذكار في ياسين
في ركن حميم لم يزل ينعى شذىً صلى به أو سَبِّحاً
في ركعتين في قباء واعتكاف في الحرم
أو في سؤال راجف حول الوجود والعدم
أو زائر قد كان ينوينا الأسى مُصَبِّحا !!

يا حفص من يمحو أحافيراً على ملامحي       
عشرون عمر في يدي منقوشة ومثلها في دفتر الجوانح     
من يطمس الرسوم فيما بيننا
وأنت في هواتفي
في غرفتي على رفوف الأمس في رأسي
وفي خزائن المخاوف  
من يشغل الحنين عن تغافل السوانح ؟!    

لو ترجعين ساعة لتقرئي طلاسمي
على جناح ومضة تهز لي مدارج العوالم      
لو ترجعين ساعة أو لحظة أخرى لذاك المقعدِ
كنت اعتذرت منك عن أمسي وربما اعتذرت عن غدي
عما قصدت من سخافاتي وما لم أقصدِ
ماذا تراني قد أقول حينها ؟ قد أكتفي بالصمت ! قد أبكي !
وقد تفيق فيّ طفلة مسلوبة التمائم  

يا حفص هل وافتك في المرقى إجابات لتلك الأسئلةْ   
تلك التي مادت بتهويماتنا المطولةْ
عن لمسة الطيوف عن ملامح السديم      
عن روضة تطل من نوافذ النعيم     
وعالم ترينه الآن تماماً مثلما
رأيتِني في أمسنا القديم      
لا لا تجيبي الآن يا صديقتي
لربما  قطعت بعداً رابعاً إليك أو
أرسلت بعضي في الرؤى المؤولة    
    
لأينا تسلل الفناء يا رفيقتي المغيّبة ؟!
تلك التي تلفعت بالعطر ثم استمطرت سحائب الدعاءِ
تلك التي تحررت من ضيقة الدنيا إلى رحابة السماءِ
وشُيعت بالحب والصلاة والمواجع المطيّبة
أم التي ترعى فتات الأمس في دوامة مسافرة
زجت بها آلامها في ردهة منسية
لم تسكن الدنيا ولم تأنس بأهل الآخرة
تجر ألف حفرة بأضلعٍ مثقّبة  

كم أشتهي لقياك في تلك الحياة الخالدة
مرتاحة من عبء روح أقتفيها جاهدة
لا وهجها خلفي ولا شعاعها أمامي
تنسل مني ثم تزجيني إلى حطامي   
هوّمت في مرامها وتهت عن مرامي 
يا حفص مدي لي يديك إنني مشتاقة وزاهدة

إني أراكِ الآن في رغْدٍ كما لم تفعلي
في وجهك النوري فيضٌ من شبابٍ أولِ
أرى وشاحاً يقتفيه الصبح كي يغردا
والنور يُرسي موجه بضفتيه سرمدا  
وخصلة من شعرك النشوان بالأطياب تغمر المدى
أُصغي لهمسٍ دافئٍ من حسنك المرتل

أستودع الرحمن قلباً نحو أُفْقِهِ مضى
أمّلتُ منه ساعة فأعرضا
سلّمته كنانتي وعدت أستجدي الرضا
أستودع الرحمن رسماً مستكيناً في دمي
هواجسي في تينك العينين تاريخي على ذاك الفم  
عقدي بذاك الجيد وشمي فوق ذاك المعصم    
أستودع الرحمن صدراً ساكن الشكوى و جفناً مغمضا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق