إيهِ.... يَا جَنَّةَ الْحَرْفْ
مَجْدٌ تَعَاظَمَ فِيكِ بِالْمِيلَادِ
وَعُلًا حَبَاكِ جَنَاحَهُ فَارْتَادِي
وَتَهَلَّلِي وَاهْمِي عَلَى سَمْعِ الْمَدَى
فَمُزُونُ جُودِكِ فِي يَدَيهِ غَوَادِ
وَتَنَاثَرِي دُرَرًا عَلَى أَشْوَاقِهِ
فَلَطَالَمَا وَافَيْتِ فِي الْمِيعَادِ
وَبَسَطْتِ أَشْجَانَ الضَّمَائِرِ جَنَّةً
لِلْحَرْفِ مَا عَزّتْ عَلَى وَرَّادِ
وَلَطَالَمَا سُقْتِ الْأَثِيرَ لِعَاكِفٍ
وَحَمَلْتِ أَسْفَارَ الْخُلُودِ لِبادِ
وَوَقَفْتِ وَالتَّارِيخَ رَمْزَي قِصَّةٍ
مَحْفُورَةٍ بِذَوَاكِرِ الْآمَادِ
مُنْذُ ارْتَضَاكِ النُّورُ تِبْيَانًا
لَهُ
بِدءًا بِهودٍ مُرسَلًا فِي عَادِ
حَتَّى ائْتَلَقْتِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ
وَنَعِمْتِ فِي كَنَفِ الْهُدَى وَالْهَادِي
فَإذَا الظَّلَامُ عَلَى لِسَانِكِ يَنْجَلِي
وَإِذَا السَّنَا مِنْ رَاحَتَيْكِ يُنَادِي
وَإِذَا الْبَلَاغَةُ فِي طَيَالِسِ مُلْهَمٍ
أَسْرَارُهُ فِي قَافِ أَوْ فِي صَادِ
وَإِذَا فِجَاجُ النُّورِ تَعْتَنِقُ
السُّهَا
بِرَوَافِدٍ مِنْ طَيِّبِ الْأَوْرَادِ
فَيَشِفُّ عَنْهَا الطِّينُ ثَمَّ تَجَلِّيًا
إِذْ تَعْرُجُ الْأَرْوَاحُ بِالْأَجْسَادِ
يَهْنِيكِ مَجْدٌ يَا كَرِيمَةُ حُزْتِهِ
لَمَّا تَزَلْ حُسْنَاهُ فِي اسْتِطْرَادِ
مِنْ أَيِّ إعْجَازٍ أَتَيْتِ فَأَذْعَنَتْ
رُوحُ الْبَيَانِ بِأُفْقِهَا الْمُنْقَادِ
فَسَرَدْتِ عُمْرَ الْحَرْفِ دُونَ تَلَعْثُمٍ
بِلِسَانِ أَزْمَانٍ وَوْجْهِ بِلَادِ
وَنَفَثْتِهِ سِحْرًا عَلَى أَوْتَارِهِ
يُسْبَى
النُّهَى وَتُرَدُّ رُوحُ الصَّادِي
وَصَبَبْتِ إِحْسَاسَ الْمَحَابِرِ نَابِضًا
آثَارُهُ نَقْشٌ عَلَى الْأَكْبَادِ
فَاللَّفْظُ فِيكِ صَدًى يُجَاوِزُ وَقْعَهُ
وَمَدًى
يَتُوقُ لِرِيشَةٍ وَمِدَادِ
مُتَرَادِفٌ تَأْتِيهِ مِنْ أَطْرَافِهِ
أَوْ سَالِكٌ فَجًّا إِلَى الْأَضْدَادِ
مُتَمَرِّدٌ لَا وَجْهَ فِيهِ لِغَيْرِهِ
أَوْ طَيِّعٌ يَأْتِيكَ دُونَ قِيَادِ
يَنْسَابُ فَيْضًا سَلْسَلًا مِنْ مُرْهَفٍ
فَيَرِقُّ طَرْسٌ لِلنَّدَى المُتَهَادِي
أَوْ يَنْبَرِي سَيْفًا جَسُورًا إِنْ
بَدَتْ
فِي غَضْبَةٍ لِأُولِي الْبَيَانِ
بَوَادِ
أَمَّا المَعَانِي فَامْتَلْكْتِ زِمَامَهَا
يَغْدُو بِهَا وَادٍ وَيَسْرِي وَادِي
يَفْتَرُّ عَنْهَا السِّحْرُ مَشْدُوهًا
وَقَدْ
يَحْتَارُ فِي الْإتْهَامِ وَالْإنْجَادِ
فَإِذَا تَلْوْتِ الطُّهْرَ هِمْتِ بِرُوحِهِ
لِعَوَالِمٍ قُدْسِيَّةِ الْأَبْعَادِ
وَإِذَا اقْتَحَمْتِ عَلَى الْهَوى آفَاقَهُ
قَدَحَتْ سِهَامُكِ فِيهِ كُلَّ زِنَادِ
وَإِذَا انْطَلْقْتِ مَعَ الْفُنُونِ فَلُجَّةٌ
دَفَّاقَةُ
الإصْدَارِ وَالْإِيرَادِ
فَلَقَدْ مَلَكْتِ الْقَوْلَ مِنْ أَبْوَابِهِ
وَسَلَكْتِ فِيهِ مَسَالِكَ الرُّوَّادِ
لُغَتِي وَهَلْ لِلْقَوْلِ فِيكِ تَتِمَّةٌ
يَا مَنْهَلًا يَجْرِي مَعَ الوُرَّادِ
وَاللهِ لَوْ تُرِكَ الْبَيَانُ وَشَأنَهُ
يَرْعَى
الذُّرَى وَيَهِيمُ بِالْأَمْجَادِ
لَطَوَى خُطَاهُ عَلَى رُوَاقِكِ رَاوِيًا
مَا قَالَ وَصَّافٌ وَغَرَّدَ شَادِ
مُتَخَيِّرًا عَنْ مُلْكِ ألْسِنَةِ
الوَرَى
شَرَفَ
الْحِجَابَةِ فِي بَلَاطِ الضَّادِ