أدركنا يا رب
وتفحمَ أملٌ عربيٌ آخرُ بلهيب السلطانِ
واحتفل الشام يشيّعه وأقيمَ له عرسٌ ثانِ
و مضى شعبٌ في جثمانِ
ماذا يبقى حين تزغرد ألسنة النار على ذعر نساءِ
والأرض تمد ذراعيها ترسل أرواح الشرفاءِ
والصمت يصب قذائفه في الأرجاءِ
ماذا يبقى حين نحارب بالأطفالِ
ونقدمهم للموت لأجل التمثالِ
ونسوق الرحمة قربانا مصلوباً في نعش رجالِ
ماذا يبقى حين يلوك الوالد أكباد الأبناءِ
ويخون الرأس الجسد بعلم الأعضاءِ
يسقط سهواً صوت النخبة والكبراءِ
وتضج الدنيا من خطب يتأنق فيها التوبيخُ
فالأقلام تهمهمُ والأوراق تشيخُ
ويصير الوطن بمن يحوي درساً يحفظه التاريخُ
ماذا يبقى في حنجرة الأيام سوى بضع حروفِ
فتردد صرخة ملهوفِ
ليس لها إلاها في محن وصروفِ
هي صرخة يا ربِ فليس لبلوانا إلا : يا ربِ
يا ربِ رماد مختلط برؤى شعبِ
حربٌ والخصم تجرد من أدب الحربِ
وسماءٌ تتساقط من فزع أشلاءَ
وتقبّلُ جثث أحبتها وتتمتم قهراً ورجاءَ
رحماك فقد صبّحنا الموت ومسّانا
أدركْنا بالنصر الآنا
أدركنا فالشام بقبضة شيطان ينصر شيطانا
ويقدم مَن يملك من خلقك قربانا
والذل يذيب بقايانا
رحماك فتاريخ العزة جرح يحفر في أعظمنا
قهر يترسب في دمنا
موت الأحياء يداهمنا
وحياة الموتى تلهمنا
يا ربِ ارحمْ شعباً في قبضة مذعورِ
وديارَ هدىً ما عاد بها إلا خبراً عن مقتول أو مأسورِ
وقلوباً لا تملك إلا أن تصطفَ مع الجمهورِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق