الجمعة، 19 ديسمبر 2014

إيه .. يا جنة الحرف

إيه.... يا جنة الحرف
مجدٌ تعاظم فيكِ بالميلاد    وعلاً حباكِ جناحه فارتادي
وتهللي واهمي على سمع المدى فمزون جودك في يديه غوادِ
وتناثري درراً على أشواقه    فلطالما وافيتِ في الميعادِ
وبسطتِ أشجان الضمائر جَنة   للحرف ما عزّتْ على وَرَّادِ
ولطالما سقتِ الأثير لعاكفٍ  و حملتِ أسفار الخلود لبادِ
ووقفتِ والتاريخَ رمزَي قصة  محفورة بذواكر الآمادِ
منذ ارتضاكِ النور تبياناً له      بِدءاً بهودٍ مرسلاً في عادِ
حتى ائتلقتِ على لسان محمد   ونعمتِ في كنف الهدى والهادي
فإذا الظلام على لسانك ينجلي   وإذا السنا من راحتيك ينادي
وإذا البلاغة في طيالس ملهَمٍ  أسراره في قاف أو في صادِ
وإذا فجاج النور تعتنق السها       بروافدٍ من طيِّبِ الأورادِ
فيشفُّ عنها الطين ثَمَ تجلياً   إذ تعرج الأرواح بالأجسادِ
يهنيكِ مجدٌ يا كريمةُ حزتِه  لما تزل حسناه في استطرادِ
من أي إعجاز أتيتِ فأذعنتْ  روح البيان بأفقها المنقادِ
فسردتِ عمر الحرف دون تلعثمٍ   بلسان أزمانٍ ووجهِ بلادِ
ونفثته سحراً على أوتاره  يُسبى النهى و تُردُّ روح الصادي
وصببتِ إحساس المحابر نابضاً    آثاره نقشٌ على الأكبادِ
فاللفظ فيك صدى يجاوز وقعه  ومدى يتوق لريشة و مدادِ
مترادفٌ تأتيه من أطرافه   أو سالكٌ فجاً إلى الأضدادِ
متمردٌ لا وجه فيه لغيره     أو طيِّعٌ يأتيك دون قيادِ
ينساب فيضاً سلسلاً من مرهفٍ  فيرقُّ طرسٌ للندى المتهادي
أو ينبري سيفاً جسوراً إن بدت  في غضبة لأولي البيان بواد
أما المعاني فامتلكتِ زمامها  يغدو بها وادٍ ويسري وادِ
يفترُّ عنها السحر مشدوهاً وقد  يحتار في الإتهام والإنجادِ
فإذا تلوتِ الطهر همتِ بروحه    لعوالم قدسية الأبعادِ
وإذا اقتحمتِ على الهوى آفاقه   قدحتْ سهامك فيه كل زنادِ
وإذا انطلقتِ مع الفنون فلجة  دفاقة الإصدار والإيرادِ
فلقد ملكتِ القول من أبوابه   وسلكتِ فيه مسالك الروادِ
لغتي وهل للقول فيك تتمة    يا منهلاً يجري مع الورادِ
والله لو  تُرك البيان وشأنه  يرعى الذرى ويهيم بالأمجادِ
لطوى خطاه على رواقك راوياً   ما قال وصافٌ وغرد شادِ
متخيراً عن مُلكِ ألسنة الورى شرفَ الحجابة في بلاط الضادِ

هند النزاري

الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

إلى حمامة فضولية


إلى حمامة فضولية
إلى متى تنوين نقر الأسئلة  ستائري كما ترين مسدلة
وحزنها في كل حين حالكٌ    وخلفه أوراق عمر مهملة
أخاف إن أزحتها أن تلمحي  وجهي على ظل الشموع المثقلة
أن تقرئي الضياع في أصابعي     والتيه في جدائلي المهلهلة
أو ينتهي إليك حزن دميتي    في الركن من أوجاعها مزملة
في وجهها ابتسامة قديمة   جداً وفي إحدى يديها سنبلة
وخلف عينيها بقايا نظرة  حيرانة وأنة مسترسلة   
ترنو لقنديل على أجفانه  من الأسى ما آده أن يحمله
ورقاء من ناداك حتى تشهدي   صلب الثواني في عيون المزولة
و تحضري الساعات في انتحارها   تُنهي على آهاتها المطولة
و تسمعي شكوى أوانٍ أطبقت    على حقولٍ بالشذى محمّلة
وزينةٍ قد فارقت بهاءها  ترنو إلى المباهج المؤجلة
أخاف أن تستدرجي وسائدي  وتسمعي سر المنى المغفلة
أو تقرئي رسالة دسستها  في وردة تئن أو قرنفلة
أو تسأليني عن مراياي التي   تكسرت فيها الرؤى المكبلة
ورقاء شباكي حزين فارحلي  وخلفه قصائد مجلجلة
لا الورد يبني حوله أغصانه ولا الندى يرق كي يبلله   
شموسه مستوحش شعاعها   تستلهم الغروب وهي مقبلة
تصر فيه الريح حين ترتدي  من نسج نيسان وشاح أرملة
ورقاء فيم المكث لا جدوى هنا   في وجه شباكي ظلال مقصلة
هل ترقبين ومضة يأتي بها  المساء في نجماته المكحلة
أو تنصتين في انتظار نغمة  تعيد روح نبضة مجندلة
لا تهدري الوقت كما أهدرته  في غفوة على سفوح الأخيلة 
لن يعبر الربيع يا صغيرتي  فألف مزلاج هنا وسلسلة 
ورقاء من أرداك من تلك الذرى  لتطرقي أهدابيَ المبللة
جميلة دنياك فامضي واسعدي   وغردي أحلامك المرتلة

وغادري القضبان إني ههنا  ما سرتُ مذ وعيتُ قيد أنملة

الجمعة، 17 أكتوبر 2014

ولادة في محراب الموت


... قرأت خبراً عن طفل حديث الولادة وُجد في مغسلة للموتى ، فتأملت صورته المرفقة بالخبر، وخُيل إليّ أني سمعته يقول :

عمتمْ مساء أيها الأمواتُ .. إني أعتذرْ
أزعجتكم ! أنا آسف
أنا لم أخطط للقدوم أحبتي
أنا مجهد قد تاه عن أولى محطات السفر
قد جئت لا أدري أكانت صدفة
أم موعد بين احتفالات الحياة وأبجديات الضجر  
أم أن ثَمّ رسالة للعالمين  
مفادها أن الطفولة تحتضر !!

ردوا التحية وافتحوا أحضانكم
وتلطفوا إني غريب عابر أوطانكم
مترجل عن موطني لم أختبر حجم الفضاء
متدثر بالصمت لم أرفع يدي مطالباً بالخبز أو بالكبرياء
لا تأبهوا لقدوم إنسانٍ صغير
قد جاءكم إذ لم يسعه الكون
مرتاح الضمير
نبضٍ تهيأ للتشرد في لفافات الحرير

ما كنت أعرف مثل هذا البرد أو هذا الجمود    
مع أن أمي مهدت لي وهي توصيني مراراً بالصمود 
خطواتها المرتجة الوجلى ورائحة التعب    
أناتها كلماتها ورفيف مسجون بقربي ينتحب
والخوف في دمها وأمواج اللهب
ومرارة من بين جنبيها تفوح    
وبرودة في جثة من غير روح  
و طلاسم
ما كنت أدري أنها كانت تهيئني لمأساة الوجود  

ربتت على رأسي وقالت : لن تضيع .. و غادرتني للفناء
لفت عليّ وشاحها
وبكت طويلاً ثم ألقتني لناصية الخواء
ومضت تكرر : لن تضيع !
سأضيع يا أمي فليس سوى الضياع
وأنا أسافر مجهداً رث المتاع
تتصاعد الأرواح من حولي وأهوي في فضاء البؤس من قاع لقاع
قد جئت محمولاً إلى الموتى أهلل للوجود
متطفلاً أتلمس النبضات في أحضانهم
فاستعصموا بالصمت مني واستكانوا للجمود
لم يأبهوا لحرارة الشكوى على صوتي وإطراق الرجاء
هم يسكنون البرد يا أمي ويخشون الضياء



قد جئتكم بهواجس شتى ونفس مثقلة
وعلى جبيني قبلتان وفي عروقي زلزلة
لم أحترف بعدُ الكلام
والموت حولي لا ينام
فهناك موتى يصرخون
وهنا تجمد آخرون
وعلى الطريق رأيت موتى يعبرون
ويثرثرون
ضوضاؤهم ما حركتكم لحظة  
وكأنكم تتجاهلون وجودهم    
مع أنكم متشابهون تُطاوِلون الأرض تنتظرون أمراً بالقيام

أنا لست أدري مثلكم كيف انتهيتُ إلى هنا 
ونصبت ساريتي ولا أدري ابتداءً من أنا 
لكنني في أحسن الأحوال مبعوث لكم
فلتقبلوني بينكم ولتسمحوا لي بالعبور
موتان ينتظرانني
لكنني أختار موتكم الوقور
كفني عليّ وصفحتي بيضاء ناصعة وجثماني طهور
لا أنتمي لفصيلة فتقبلوني كيفما شئتم
أقيموا أي طقس نحو أية قبلة
فأنا بأمر الله محسوم المصير

أنا لن أكلفكم سوى ركن صغير في الجوار
سأظل فيه مغمّض العينين محبوك الدثار
لا تخجلوا مني لدى كشف الحساب 
أنا لا أريد هناك شيئاً غير حضن من تراب
أنا لست معنياً بكم
أخطاؤكم أوزاركم أسراركم
لا تستثير تطفلي
فأنا سأتركها لكم
وأعود مسروراً لبيتي الأول
يا أيها الأموات هيا عجلوا
فقد اكتفيت من الحياة بكل ما فيها .. بجزء من نهار


الجمعة، 1 أغسطس 2014

يا عيد .. ماذا عن غزة ؟

يا عيد .. ماذا عن غزة ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قهر اليتيم ولوعة الثكلى والنور حول مواكب القتلى
والعيد بعد العيد يطرقنا والموت فوق رؤوسنا وبلا
ذكراه تنكأ ألف ملحمة وتعيد بؤساً لم يكن ولّى
وهلاله ذاوي السنا وَلِهٌ قد جاء ينعى الأرض والأهلا
ويحل في أرض الرباط وقد غمر الفخار رجالها العزلا
إذ قاوموا الدنيا وما معهم للحرب غير حجارة عجلى
صمدوا وأعينهم تكاد ترى أرواحهم في البرزخ الأعلى
يا عيد هل في الفرح متسع والأرض من أحزاننا حبلى
ومواكب الأيام سائرة تأبى على الآلام أن تبلى
ومجازر تحيي موالدها مختالة ومظالم تُتلى
وجرائم للحق مزهِقة ومؤامرات تنحر العدلا
ودوائر دارت على قدر أغرى لئيم الطبع فاستعلى
يا عيد من لطفولة سئمت ليلاً يجر وراءه ليلا
وبراءة كالفجر غيّبها من غيّب الإنسان مذ حلا
ما زالت اللأواء تلقمها بالغزو خبزاً ناضحاً ذلا
يا عيد من أعطى إشارته للتائه المطرود فاحتلا
وقضى له بالأرض مغتصباً وأعانه فامتد واستولى
يا عيد تدري أن أمتنا رمت السلاح وباعت الخيلا
وإذا دعاها الضيم منتظراً إحسانها قالت له مهلا
فلدي أوطار معجلة ولتسأل المزمار والطبلا
يا عيد دعهم واختلس فرحاً واحمل لغزة نسمة جذلى
أوصل إليها رغم محنتها شيئاً عدا الترويع والقتلا
واجزم بأن الأرض عائدة ولسوف ينجز وعده المولى
واهتف لأرواح محصنة صنعت لكل مخوفة مصلا
وتدرعت بالعزم وانطلقت يغشى سناها الشيخ والطفلا
يتقاسمان شهادة زرعت للنصر من أنوارها حقلا
يا عيد قد شج الأسى كبدي ووقفت لا دعة ولا حولاً
أهلي هناك بطولة عبرت بسط المدى لشعاعها ظلا
وملاحم طرب المداد لها والفخر بين سطورها حلا
وأنا هنا ما في يديّ سوى أمنيّة وقصيدة خجلى

الاثنين، 23 يونيو 2014

دعوني أنام
ـــــــــــــــــــــ
دعوني أنام
دعوني أهدئ روع الليالي وأوقف بعض لهاث الظلام
دعوني أسلم رايات صحوي لسرب حمام
وأنهي جميع الحوارات حتى يعانقني في الكرى طيف صوتي
ليحملني في تجاويف حلم يحوّم بين انبعاثي وموتي
فأسرد للأرض بعض التفاصيل من قبل توقيع ميثاق صمتي
دعوني فأزمنة البوح ملت حروفي وفات أوان الكلام

صحوت طويلاً أهش عن العمر فوج الشقاءْ
ولا حول لي غير قلب كفيف وروح ممزقة في رداءْ
ونازعت حظي وجالدت عن بؤسه الراتعِ
وعشت أناضل في كل صوبٍ وتهزمني شقوة الطالعِ
ومرت سنيني
وما زال بين خوافيَّ طفل ينوح على حقه الضائعِ
وخلف تخومي تهيب الكهولة بالعتق توّاقة للثواءْ

صحوت طويلاً ولم أنتبه لشجون الغروبْ
تمسكت بالشمس أحبطت خطتها للهروبْ
وجمّعتُ في راحتيّ بقايا نجوم الظهيرةْ
صعدت على نبتة القيظ أبحث عن أمنياتي الصغيرةْ
وألقيت لليل ذيل الظفيرةْ
وأرخيت للّافحات شراعي أبادلها همهمات الهبوبْ

دعوني فقد طفت كل الممالكْ
وخضت المعارك إثر المعاركْ
سلكت إلى الفجر كل المسالكْ
على صهوة الخوف حاربت ظلي
وجاريت بعضي فأفنيت كلي
وطوّفت بالعمر بين وجودٍ ظعينٍ وموتٍ مُطِلِّ
وجبت مجرات فرحي وحزني
لأبحث خلف دجى الريح عني
ولما عييت اتكأت هناك وأحكمت من أضلعي سور سجني
وسلمت للتيه كل المجاديف ثم استرحت لجهد المُقلِّ

دعوني أرتّق نفسي قليلاً فقد كثرَتْ في إهابي الثقوبْ
وأوجعني الضوء يأتي ويخبو ويصعق في كبريائي الندوبْ
وطاف عليّ الزمان كثيراً ليضبط ميعاد ألف غروبْ
تعاهدني الحزن ثم انتقل
تحاملني الهم دهراً فمل
وهأنا في رِبقة اللاشعور فما من قنوط وما من أمل

تبعت مدى الليل ما أبحرا
وسامرته حالكاً مقمرا
ولما أتى الصبح حيّا وأرخى على مقلتيه شراع الكرى
فوجهت للنور وجهي الغريقْ
وسايرته سادراً كالحريقْ
وجلّت لي الشمس حزن الطريقْ
وسرنا سوياً إلى أن طواها النعاس فغابت ولمّا أزلْ

دعوني أنام
فقد ودعتني جميع الزوايا
ووقّعت تحت المقال الأخير وأنهيت أنهيت كل الحكايا
وفي دفتر للكلام القديم كتبت الوصايا
دعوني أمد الفضاءات فوقي وأخلد في دعة للسلام

الأربعاء، 14 مايو 2014

لا تعبث بفلب امرأة




لا تعبث بقلب امرأة




ــــــــــــــــــــــــــــ


يا عابثاً مجدافه أغراه ... وتحاملته على الأسى طغواه


فمضى يجر الموج خلف غروره ... ويحرك الأنواء وفق هواه


ورمى على كل الجهات شباكه ... واحتاز نبض الريح في مرساه


واقتاد أرواحاً إلى آجالها ... فمضت بلا وعي إلى منفاه


يا شهم ليس على النساء بطولة ... أخذ الردى منهن كل مناه


أعتدت أن تهب البراعم حتفها ... وتميت في الزهر الندي شذاه


وتقاتل النبض الوليد مسلحاً ... بالزيف مرتاحاً إلى جدواه


أتحارب امرأة لأن كيانها ... رهنٌ لقلبٍ أنت من أغواه


ولأنه أودى بها وأحالها ... ألعوبة في كف من تهواه


دع عنك تجريب المهالك عابثاً ...إن الوبال كفيفة عيناه


هبها هواك ولا تسل من بعدها... عن روعة ستحلها إياه


عن جنة تؤويه في أفيائها ... عن عالم للحلم فوق رؤاه


عن متعة تطويه في ملكوتها ... عن قصة تعطي الخيال مداه


فاهنأ هناك ولا تكلفها لظى ... كم أشعلته ولم تخف عقباه


لا تستفز جريحة ففؤادها ... كالنار لا يحنو على صرعاه


وقلوبهن زوابع مجنونة ... أواه لو أطلقتها أواه


رمضاؤها تجتاح كل خميلة ... وربيعها سحرية دنياه


فإذا جرحت وديعة علق الهوى... أشلاءها فاصبر لما تلقاه


إن انتقام العاشقات كوارث ... قد تخرج التاريخ عن مجراه


قد تقلب الدنيا لتظفر بالهوى ... وتبيده إن شط في مسعاه


لا تختبر بالغدر يوماً عهدها ... مهما تناهت في الغرام عراه


فالغدر إثم في شرائع قلبها ... تُمحى الخطايا كلها إلاه


يأتي كإعصار يحيل فؤادها ... حجراً فلا يبكي على قتلاه


ويلاتها تمتد أنى أومأت ... وجحيمها يصلاه من يصلاه


تتجرع الأحزان ثم تمجها... حمماً فويل للذي تغشاه


ولربما ظلت على غفرانها... حتى ليبلغ سيلها أعلاه


فإذا طفحتَ بكيلها عن حده ... فالموت ثَم وليس ثَم سواه


إن قالت امرأة كرهتك فانتبه ... فالكره يعني عندها معناه


والكره يعني أن تعيد حسابها... أن تمتطي من عزمها أعلاه


أن تطلق الريح الهبوب لمارد ... في جوفها مغلولة قدماه


أن تمزج الأسماء في اسم واحد ... في وقعه يتكرر الأشباه


في اسم تناط به الجرائم كلها ... فيكاد من أعطيه أن ينساه


فاحذر مواجهة الجريحة بعدما... أمر الغرام كيانها ونهاه


لا شيء يعلو عنفوان فؤادها ... أبداً ولا يجني عليه سواه


من راوغ امرأة على نبضاتها ... أردته كي تبكي على ذكراه




السبت، 12 أبريل 2014

إلى سلوى



إليك حبيبتي سلوى

إلى روح تبنت خفقة الإلهام فيّ وجذوة الشكوى


إلى حلم تجعده خطوط اليأس والرجوى


وأنفاس الصباحات الدؤوبة في أحاييني


وضوضاء السنين الذاهلات وتيه تكويني


وبعض صدىً من البوابة اليسرى يناديني


وذكرى تنقر القلب الذي يمحو على محراب حبك كل من يهوى



عجلتِ الأمر فاستدعيتِ أشجان النهاياتِ

ولو أعطيتني وقتاً لهادنتُ انفعالاتي
و كنت أصبتُ عذراً من وعودي والتزاماتي
وكنت أعدت تأثيث الفؤاد لصدمة كبرى
وهيأت الدفاتر والأسى والليل و الحبرا
وكنت أضفت ذاكرة لذاكرتي فإن فاضت بك الأولى فتحت دفاتر الأخرى
وكنت حجزت بعض شذاكِ كي أحسوه في حمّى انتكاساتي

أصبّر عنك صبح أساي والكرسي والمكتبْ

وجو الغرفة المفجوع بعد حديثك المعشبْ
وسور السلّم المكلوم لم يلمسه بعدك عطرك الطيبْ
أصبّر ردهة الأشواق عن خطواتك الزهرِ
و(كيف الحال) أسمعها مدى سنواتنا العشر
وطيفاً لم أزل ألقاه عبر إذاعة الفجرِ
وسخرية تقاسِمُنا شجونَ نهارنا المتعبْ

مضيتِ ولم تزل شفتاي ترجف باعتذاراتي

وقاموسي بلا كلمات
وأحزاني بلا قسمات
وأفكاري رصاصات تفجر في دمي ما فات
تدور تدور في رأسي وتغفو في وريقاتي
وأخنقها وتخنقني
أراوغها تراوغني
وتوقظني إذا غافلت صحو الأمس سائلة عن الآتي

جمعت أنين أشيائي

وأوراقاً مغبّرة بإعيائي
تبعت تموجات الحرف في وجعي
وليس سوى تفاهات أقدس عن بلاهتها أحبائي
وشوق بامتداد العمر لا تقوى على استيعابه لغتي
وأنتِ المستحيل على عباراتي على شفتي
وتنتظرين مني نظم أبيات مودِعةٍ ؟!
فكيف وأنت إيحائي ؟

أفقتُ الآن وحدي أنحني للفقد فوق منصة المسرح

خيوط عرائسي في الظل مائلة وموسيقاي لم تبرح
وتهدر موجة التصفيق معلنة ختام العرض
وإطفاء المسارج عن بقاع النبض
مسربة غلالات الظلام إلى خفوت الومض
أفقت ومبضع في القلب يخبرني بما أخفيت عن نفسي
يؤكد أننا يا عمريَ الأحلى تفرقنا ..
وأن الفقد لا يمزح !!




الأحد، 6 أبريل 2014

شكراً لأنك أنتِ يا مكة

شكراً لأنكِ أنتِ يا مكة !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وطنَ الجلال مرافئ الغسقِ
حرم البهاء و درة الألقِ
ماذا عساي أقول يا أم القرى
ياغيمة
هطلتْ فماجت ساريات النور في الأفق

أزمعتُ ترحالا لماضيكِ
كي أقرأ التاريخ مزهواً على فيكِ  
وبسطتُ أوراقي إلى أفيائك الأحلى     
وظللت من عبث الحروف على فمي خجلى
والحب والإكبار يرتجزان حول قريحتي الكسلى
والمجد يسبقني إليك مردداً أصداءه فيكِ  

فأشرتِ للإلهام قائلة : على وجهي قناديلي  
وملامح المختار لم تبرح تفاصيلي
ورجاءُ هاجر رحمة القفرِ  
ظمأُ الرضيع ومنهلٌ يجري  
وصدىً من الأفيال والطيرِ الأبابيلِ

أطرقتُ ساهمة لدى الكعبة
أرتال أنوار بقلب الكون منصبّة
يرنو المقام لها ويزهو الركنُ والحجرُ
يكبو اللسان مهابة ويتعتع البصرُ
يتزلزل الوجدان في أثوابها وتزمجر الرهبة

وقرأتُ وجه الصبر وهو يموج في الوادي
في دمعة للفقد ما زالت ترقرق منذ آماد
منذ انتحى الأصحاب عنه وغادر الهادي
لما سرى حكم القضاء عليه بالبعدِ
فتجمدت عيناه ترقب نظرة الوعدِ
وتكانفته خطى الأسير وحرقة الصادي

خِلتُ الجبال تحولت مُقَلا
والأفقَ أسئلةً تهمهم والمدى جدلا
مَن للضياء بدارة الأرقم ؟
أو لم تفر إلى غيوب الأرض من أشجانها زمزمْ ؟
وأبو قبيس أما براه جوىً وشِقُّ البدر قد أظلمْ ؟
كيف استعاض النور عن أنفاسه ؟ وحراء كيف سلا ؟؟


ورأيتُ في الطرف القصي الفقد ينهارُ
يمضى حبيبك والحنين إليك في عينيه موارُ  
يرعى السماء مقلباً وجهاً له في الغيث آثارُ     
تغدين يا أم القرى قبلة
يغشى الخشوع رباك فالأشواق مبتلة
وتموج في آفاقك الزهراء من نور الهدى ظلة
تزجي القلوب إليك والآمال إعصارُ   

شكراً لأنك أنتِ يا مكة
شكراً لنور شع منك مجاوزاً نحو الذرى فلكَهْ
أوحى لقلبي فانتشى في روضه الوجدُ
و همى على عينيّ من إلهامه وعدُ 
وقصيدةٌ للحب فيها جنةٌ تشدو    
شكراً لفيض الخير والإيمان والبركة