سبحان من هَلَّتْ لهُ البكورُ**وسَبَّحَتْ بحمدِهِ الطيورُ
صَبَّ الضِّياءَ في دُجَى الليالي**فأُلبِستْ ثوبَ السنا البدورُ
وغادرتْ كالطيفِ في سلامٍ**من بعدِ مَا تلاشتْ الستورُ
سبحانه ما سيقَ من سحابٍ**ما صعّدت أنـَّاتِها البحورُ
ما هزَّ غيثٌ زائرٌ رياضاً**جاءت به مع الندى البكورُ
هشَّتْ له الأغصانُ في خشوعٍ**توضأتْ من فيضهِ الـزهورُ
وأرسلتْ سرورها نسيـماً**تضيعُ في عبيرهِ العطورُ
سبحانه ما سُخِّرتْ نجومٌ**أفلاكها على المدى تدورُ
تُزِينُ ثوبَ الليلِ في حياءٍ**كأعينٍ في غيبِهِ تغورُ
ترمي شباكَ حسنِها شعاعاً**فينتشي من وَهْجِه السرورُ
سبحان ربِّي ما جرتْ عيونٌ**بأمرهِ تمضي بها الدهورُ
تحفُّها الرياضُ كالمرايا**والزهرُ في بروازها سطورُ
سبحان ربِّي ما حوتْ فـلاةٌ**ما طرَّزتْ أديمَها البرورُ
ما انشقَّ من صُمِّ الحصى خضوعا**ومَا هَوَتْ من خشيةٍ صخورُ
سبحانَ ربِّي ما سعى دؤوبٌ**مُسخَرٌ لأمرِهِ صبورُ
وما حنَتْ أمُّ على فـــطيمٍ**وظللتْ صغارَها الطيورُ
ضمَّتْ جناحيها على حنانٍ**يفوقُ ما تستوعبُ الصدورُ
سبحان ربِّي ما عـلا أذانٌ**وما سرى في المهتدين نـورُ
مازالَ في أهلِ الهدى غيورٌ**من أجلِ حقٍ أو حمىً يثورُ
راياته تختالُ في إباءٍ**فتنحني من تحتها النسورُ
سبحان ربي ما زكـتْ قلـوبٌ**لم يختلسْ صفاءَها فجورُ
ما سبَّحتْ في كائنٍ حنايا**ورجَّعتْ ترنيمها الثغورُ
ورتَّلَ الكونُ على صداها**مسبحٌ لربـِّهِ شكورُ
لم يتسعْ لوجدهِ فضاءٌ**ولم تصفْ خشوعَهُ سطورُ
يقولُ سبحانَ الذي تعالى**ما دامت الأزمانُ والعصورُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق