دموع ... وأشياء أخرى
وتمددتْ ذاتُ الجمالِ على سريرِ الغاسلةْ
وتجمَّدتْ كلُّ الملامحِ
وارتخى الكتفانِ
يعتذرانِ عن تلك الثنايا الناحلةْ
وتهيأتْ مثلَ الجميعِ
تقولُ إني راحلةْ
سكن الشحوب وزرقة الأموات في قسماتها
أين المساحيقُ التي ذابت على وجناتها
أين الأناقةُ والبريقُ يطل من لفتاتها
وحدائق الحسن المضيء تميس في ضحكاتها
رفقاً بهذا الوجهِ والجيدِ الذي أودى به طوقُ الأجلْ
كم ماسَ تيهاً واشرأبْ
كم مالَ للدنيا بحبْ
كم هزَّهُ صوتُ الطربْ
وانساقَ يحدوه الأملْ
لا تخدشي ديباجة النحرِ اللميس الساحرِ
كم كان هذا النحرُ يزهو ذاتَ يومٍ بالنفيسِ الفاخرِ
يضفي على الألماسِ بعضَ بريقهِ
ويهزُّ أرضَ الحسنِ هزاً كالعبابِ الساخرِ
ما لليدِ البيضاءَ في صمتٍ تغادرها الخواتمُ والحُليّْ
ما للطلاءِ الغضِّ عن تلكَ الأظافرِ ينجلي
أين التفاصيلُ الصغيرةُ
والنقوش تفرَّعت فوق الإهاب المخملي
قد آن للجسدِ المنعَّمِ أن يوارى بالثرى
وكأنه ما مسَّ ديباجا ومسكاً أذفرا
حتى ولا ماءُ الحياةِ بروضهِ يوماً سرى
هيا احضري الثوبَ الأخيرَ لكي تواري ما بقي
ولقد تعوَّدَ كلَّ غضٍ ناعمٍ فترفقي
ولتستريهِ عن العيونِ العابرةْ
إن كشَّفتْهُ يدُ المنونِ الغادرةْ
لا تُحكِمي شدَّ الوثاقِ على العظامِ الواهنةْ
وترفَّقي وتلطَّفي
لا تجهدي تلك العروقَ الساكنةْ
هي لن تقاومَ أيَّ قيدٍ
فاتركيها آمنةْ
حملوا الجميلةَ في ثباتٍ
بعد إحكامِ الكفَنْ
ومضوا بها نحوَ البقيعِ
كأن شيئاً لم يكن
غابوا عن الأنظارِ في لمحِ البصرْ
وأتى على آثارهم جمعٌ بئيسٌ منكسرْ
فهنا رفاةٌ تنتظرْ
ودموعُ وَجْدٍ تنحدرْ
وقلوبُ أحبابٍ وأهلٍ تنفطرْ
وهناك أقمشةٌ وكافورٌ وسدرْ
قطنٌ حنوطٌ بعضُ عطرْ
أغراضُ غسْلٍ كاملةْ
وجميلةُ أخرى تزجُّ على سريرِ الغاسلةْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق